كنت في سنة 1388هـ معلماً في مدرسة الروضة بالزلفي وكان خالي أحمد رحمه الله يعمل في الكويت، وكان قد أَلحَّ عليَّ منذ سنوات أن أقوم بزيارته، وفي هذه السنة وتحديداً في شهر ربيع الآخر 1388هـ وفي إجازة العام الدراسي قررت الموافقة لخالي لزيارته، فذهبت إلى ما يسمى بشعبة الجوازات والجنسية بالزلفي وتقدمت بطلب جواز ومنحوني تذكرة مرور بريَّة وكانت هي المقررة لدول الخليج العربي بعد أن أحضرت كفيلاً حيث النظام يتطلب ذلك ومن ثم سافرت من الزلفي إلى الكويت مباشرةً وبعد الوصول وكان يوم الأحد كان خالي رحمه الله متزوجاً بالزبير في جمهورية العراق من أخت فاضلة سعودية لكنها مقيمة بالزبير ولم يحضرها بعد معه إلى الكويت وكان يتردد للزيارة مساء كل خميس بعد الانتهاء من العمل والمسافة قليلة وقد طلب مني أن أرافقه للزبير للسلام وخلافه، ذهبنا وبالطبع خالي من الضروري يرجع للكويت مساء الجمعة حسب ظروف العمل وكان من ضمن جيران أهل زوجة خالي رجل فاضل سعودي الأصل من جلاجل ولديه ثلاثة أولاد أكبرهم يصغرني بعامين والثاني بثلاثة والثالث بأربعة أعوام وقد طلبوا من خالي أن أجلس معهم لمدة أسبوع فربط خالي الموافقة برغبتي فما كان مني إلا أن وافقت خاصة مع وجود بعض الإغراءات من تمشية ونزهة حيث يوجد لهم مزرعة كبيرة بالبصرة، ذهب خالي لعمله واستقريت مع هؤلاء وفي وسط الأسبوع جاء شاب من عائلة البسام أقل مني عمراً بسنتين وكان يرغب في زيارة خاله في بغداد وهو السفير السعودي آنذاك وطلب مني أن أرافقه في هذه الرحلة القصيرة كي أشاهد العراق كثيراً فوافقت واستأذنت من مضيفيني فوافقوا جزاهم الله خيراً مع الوعد بتعويضهم عن هذه الأيام، خرجنا من عندهم من الزبير إلى البصرة وذهبنا إلى محطة القطارات وركبنا ذلك القطار الدردعة القديم ذو الإزعاج في سيره، وصلنا بغداد في الساعة 12 منتصف الليل وبحث صاحبي عن تاكسي فرفضت الذهاب في هذا الوقت إلى منزل خاله بحكم تأخر الوقت وحاول كثيراً لكنني امتنعت ثم اقتنع أخيراً بعد الاتفاق أن نذهب إلى خاله في ضحى اليوم التالي، بحثنا عن فندق ووجدنا ذلك الفندق المتواضع ودخلنا واستأجرنا غرفة وفي الصباح استيقظنا وأدينا الصلاة بحمدالله ثم نمنا قليلاً وبعد ذلك استيقظنا ونزلنا بنية الخروج والذهاب إلى منزل خاله السفير، وعند مقابلتنا لموظف الاستقبال طلبنا منه الخروج حيث كان الباب مقفولاً فاستغرب منا وقال ألم تسمعوا بالأخبر ماكو تجول اليوم؟ والسبب هو ثورة حزب البعث على عبدالرحمن عارف برئاسة الضابط أحمد حسن البكر وصدام حسين وعبدالرزاق النايف وغيرهم وكان ذلك بتاريخ 21-4-1388هـ الموافق 17-7-1968م وحجرونا في الفندق طوال اليوم وليلته وفي صباح اليوم الثاني سمحوا بالتجول من الساعة 7 صباحاً حتى 5 عصراً، بالطبع خرجنا من الفندق بعد السماح بالتجول مباشرة وطلبت من صاحبي أن يسمح لي بعدم الذهاب معه إلى خاله وأن أرجع بالقطار حالاً إلى البصرة وبالطبع حاول كثيراً أن أذهب معه إلى خاله هذا اليوم وغداً نرجع جميعاً فامتنعت مخافة أن تتطور الأمور، المهم وافق صاحبي على مضض وقطعت التذكرة من محطة القطار وطلبت منه الاتصال على أصحابي بالزبير لينتظروني في محطة القطار بالبصرة وفعلاً وصلنا بحمدالله الساعة الثانية ظهراً ووجدت أحد الشباب بانتظاري وذهبنا إلى الزبير وحمدت الله على إنهاء هذا الكابوس وغداً سمحوا بالتجول كاملاً وبحمدالله حضر خالي ليلة الجمعة من الكويت وغادرت معه مساء الجمعة بعد توسلات من أصحابي الشباب بالجلوس معهم أسبوعاً آخر لكنني امتنعت مخافة أن يحصل تطورات، وبعد وصولي للكويت استقريت أياماً غادرت بعدها إلى الوطن بحمدالله حيث انتهت هذه الرحلة على خير...