مها محمد الشريف
مع تصاعد الاهتمام من جديد في الولايات المتحدة والغرب عموماً حول منشأ فيروس كورونا، حدد الرئيس الأمريكي جو بايدن، موعداً نهائياً مدته 90 يوماً لوكالات الاستخبارات الأمريكية بهدف التوصل إلى نتيجة نهائية في شأن أصل فيروس كورونا، وهذا يعني ببساطة الخروج من الأزمة للحفاظ على دورها كلاعب سياسي أساسي في المشهد العام، ومستندة على حسابات خارجية أكثر منها على حسابات داخلية وتريد الصدام مع الصين.
ويظل مبدأ الصدام بين أمريكا والصين حتمياً ويدفع إلى اختلال الموازين في رسم دورها في آسيا خلال المستقبل المنظور، وذلك يطول المكونات الاجتماعية والأنظمة السياسية، فمستوى التذبذب كبير جداً والطرق التقليدية لا تعالجه أو تغيره، وبذلك أصبح تحرك البيت الأبيض على هذا النحو يثير عديداً من الأسئلة عما تملكه أجهزة الاستخبارات الأمريكية من معلومات حول الفيروس، وإذا ما كانت هذه المعلومات يمكن أن تجزم حقيقة منشأ الفيروس الذي تسبب في مقتل 3.51 مليون شخص حول العالم وإصابة 169 مليوناً آخرين حتى الآن.
فمن خلال الأدلة أبلغ مسؤولون في الاستخبارات البيت الأبيض أن لديهم قدراً كبيراً من هذه الأدلة تحتاج إلى فحص وفق ما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها، حيث أشارت فيه إلى أن الاستخبارات تخطط لاستخدام تحليل الكمبيوتر في معرفة إذا ما كان الفيروس قد تسرب عن طريق الخطأ من مختبر في ووهان في الصين، إضافة إلى تصريحات الرئيس أمام مجموعة من العسكريين في قاعدة جوية بولاية فرجينيا بالأطماع الصينية بالسيطرة على أمريكا وامتلاكها في السنوات الخمسة عشرة المقبلة.
وذلك الاندفاع أوقع الاستراتيجية الأمريكية في مفارقة عجيبة تعطي نفسها شرعية القوة لتشعل ما تبقى من الكون، ولكن كيف لنا أن نفهم تلك المفارقة، فليس لديها ما تفعله سوى التركيز على أهدافها وتكريس جهودها لإخبارالعالم بقدراتها العسكرية الهائلة وعدد قواعدها العسكرية، فآسيا تعد نجاحاً اقتصادياً لم يسبق له مثيل في تاريخ التطور الإنساني وسرعة النمو الآسيوي تعد غير مسبوقة تاريخياً، فحين استطاعت كل من الصين وكوريا إحراز التقدم نفسه خلال ما يقرب من عشر سنوات.
تحولت آسيا إلى مركز الثقل الاقتصادي المقبل في العالم مما جعلها بركان العالم السياسي، وهذا يولد قدرتها على الصعيد العالمي، والنمو الاقتصادي الكبير أسهم في قلق أمريكا وأوروبا على موقع القوة العالمية الاقتصادية المسيطرة، ومما تجدر الإشارة إليه أن الصين بترسانتها النووية وقواتها المسلحة الكبيرة، تعد القوة العسكرية المسيطرة حيث تعد إلى حد كبير هذه المقتطفات أعلاه هيمنة من نوع جديد إلى سيادة عالمية رغم ضراوة المنافسة.
وحين تعاظمت منافسة الولايات المتحدة كقوة عالمية أولى ووحيدة أسست بنفوذها هرم من التوابع والوكلاء والمحميات والمستعمرات جندت لصالحها الموارد الاقتصادية والتقنية الواسعة للأغراض العسكرية، أصبحت الصين تصنف ضمن المقاييس القوة على نطاق واسع وطاغٍ تعزز نفوذهم اليوم كقوة اقتصادية وسياسية جاذبة محصنة ضد التأثيرات الخارجية، وهذا يشكل تحدياً سياسياً واقتصادياً لسيادة أمريكا الأوراسية التي يتواصل من أجلها الصراع.