فدوى بنت سعد البواردي
في عصرنا الحالي، توجد أولويات إستراتيجية مشتركة يتفق عليها قادة التقنية البارزون، وتلك الأولويات يجب تطبيقها وتوفر الميزانية الكافية لها من أجل ضمان نجاح وقوة تأثير هؤلاء القادة والوصول لأهدافهم الإستراتيجية المرجوة.
من أول وأكثر تلك الأولويات أهمية هو تطبيق «علم البيانات والتقارير التحليلية» أو ما يُعرف بـData Science and Analytics ، وذلك من أجل خلق بصيرة تُمكن القادة من فهم البيانات وتحليلاتها وإدراك مدلولاتها في قياس الأداء المؤسسي، ومن ثم اتخاذ القرارات الإستراتيجية بناء عليها. ومن متطلبات النجاح هو وجود بيانات متكاملة وذات جودة عالية يُعتمد عليها أثناء التحليلات، ولتحقيق ذلك، من الضرورة وجود أنظمة ذكية لجمع المعلومات وتصنيفها وتحليلها. ومثال لذلك، هو ما يقوم به بعض قادة التقنية في معرفة أكثر المنتجات مبيعاً وأماكن تلك المبيعات الأكثر انتشاراً والعكس صحيح، حين تتم معرفتهم لأقل المنتجات مبيعاً والأسباب، لمعالجة الخلل والتحديات.
ويتقاسم مع الأولوية الأولى، في ذات الأهمية، «الأمن السيبراني» أو Cybersecurity ، وهو حماية الشبكات والأجهزة من الهجمات الإلكترونية أو دخول غير المصرح لهم وحصولهم على بيانات خاصة أو حساسة أمنياً. وقد أصبح قادة التقنية الناجحون يتضمنون تقارير الأمن السيبراني ضمن النقاط الأساسية في الاجتماعات، وذلك لعدم المخاطرة بخسارة المؤسسات لثقة العملاء وكذلك الخسارة ماديًا.
أما الأولوية الثانية، فهي الاستفادة من تقنية «التعلم الآلي» أو ما يُعرف بـ Machine Learning كجزء من الذكاء الاصطناعي، وذلك لدراسة البيانات ونتائجها، عن طريق الأنظمة والخوارزميات الذكية وأيضًا الروبوتات، والتعلم من تلك البيانات للتحديث والتطور والتنبؤ المستقبلي والوصول لنتائج أفضل وأفضل مع تكرار التعلم. ومثال لذلك، هو ما يقوم به بعض قادة التقنية في شركات الهواتف الذكية من تطوير منتجاتهم لتناسب العملاء حسب ما يجمعونه من خلال نتائج التعلم الآلي، فيقومون بإضافة المميزات الجديدة التي ستنجح في جذب المزيد من العملاء لشراء تلك الهواتف.
وثالثاً، تأتي أولوية تقنية «الحوسبة السحابية» أو ما يُعرف بـCloud Computing ، وهي توفير البيانات والأنظمة والخدمات الإلكترونية مثل تخزين البيانات ونسخها ومزامنتها، دون التقيد بالموارد المحلية، مما يتيح المرونة والسرعة والانتشار الواسع للمنتجات وتوفير التكاليف لقادة التقنية. ومثال لذلك، هو ما يقوم به قادة بعض شركات التقنية المتخصصة في صناعة الألعاب الإلكترونية من توفير تلك الألعاب عن طريق الخدمات السحابية لكي تصل إلى ملايين اللاعبين حول العالم، عبر الإنترنت.
ورابعاً، تأتي أولوية تقنية «الحوسبة الضبابية» أو ما يُعرف بـFog Computing ، والتي ظهرت بعد شيوع إنترنت الأشياء أو IoT، وهي تقنية تهدف إلى العمل على رفع كفاءة وأمان نقل البيانات بسرعة كبيرة، لكي تصل إلى السحابة لمعالجتها وتحليلها وتخزينها. ومثال لذلك، هو ما يقوم به قادة التقنية في المباني الذكية حيث يساعد التحكم اللاسلكي، عبر الحوسبة الضبابية، في قياس درجة الحرارة والرطوبة ومستويات الغاز في المبنى، ويتم تبادل هذه المعلومات بين جميع أجهزة الاستشعار للتفاعل مع تلك البيانات واتخاذ قرارات مثل خفض درجة الحرارة أو إزالة الرطوبة من الهواء.
وأخيرًا وليس آخرًا، توجد تقنيات «المساعد الذكي» التي يمكن لقادة التقنية توظيفها في كافة التعاملات، وهي إحدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لتحقيق هدف الخدمة الذاتية للعملاء عن طريق إصدار الأوامر الصوتية فقط. ومن الأمثلة للمساعد الذكي Siri و Google Assistant. وكذلك توجد تقنية تنفيذ «الأكواد القليلة أو لا أكواد» وهو ما يعرف بـLow-Code/No-Code حيث يتم استبدال الحاجة لكتابة لغات البرمجة، من أجل عمل وتنفيذ منتج تقني، بوجود اختيارات جاهزة للاستخدام المباشر خلال العمل، مما يوفر السرعة في الإنجاز والابتكار وسهولة التغيير والاستخدام من قبل العاملين التقنيين.
جميع ما سبق ذكره، هي الأولويات الإستراتيجية لقادة التقنية. قد يتفق الكثيرون في ترتيبها من جهة أهميتها، وقد يختلف البعض في أولوية ذلك الترتيب. ولكن في كلتا الحالتين، هي جميعها تُعد أحدث ما وصلت إليه التقنية حتى عامنا الحالي 2021م. ولا يزال الكثيرون من القادة يتساءلون عما سيكون عليه مستقبل الأولويات بعد 5 سنوات من الآن، خاصة مع التطور السريع المتلاحق في عالم التقنيات. الوقت وحده سوف يخبرنا.
** **
- كاتبة تقنية وتحليل إستراتيجي