منال الحصيني
سأذهب إلى ما وراء العلاج لمن يشكو من تلك العلّة، فمن المعلوم أن من يحاول الحفاظ على نفسه سيفقدها، ولكن من يمنح حياته للآخرين سيجدها.
يمكنني القول إنها فلسفة رائعة حينما تمنح نفسك للآخرين، وهذا بكل دقة ما يُسمى «بالصحة الروحية» التي تلائم مبدأ الحياة.
فثمّة منطقة في عمق الذات لا تستطيع الروح أن تصل إليها متى ما شاءت، ولكن الشعور بالحزن قد يمنحنا أن نتحسسها وندرك ما نفتقر إليه في ذواتنا، حتى نكتشف حقيقة ما يختبئ في جوهرنا.
الجوهر الذي أرغم عقولنا أن نضع بيننا وبينه حاجزًا سرمديًا.
لماذا لا تُصغِ لذلك الصوت الداخلي حينما تشعر بالشقاء المُقبل في السعد المدبر، هل لك أن تحدثني من أي منفذ نفذ إليك ذلك الفقر الباطن.
فما كنت أحسب أن الشقاء يمر عليك بعد ما أعطاك الدهر عهداً أن لا يرمي بسهامه عليك.
واعلمُ أنك ستقول متى كان للدهر عهد يوثق به.
أشدّد القول إنه مهما بلغت من الغنى الظاهر في سعادة من الحظ وصحة في البدن وامددك الله بجاه عظيم وكلمة نافذة وغِبطة في العيش ستظل تغدو لاهيًا وتروح ساهيًا، وتموت الموتة الكبرى بعد أن متَّ الموتة الصغرى ما لم تسمح لهمس صوتك الداخلي أن يصدر ضجيجًا صامتًا ليُحدث انفعالاً خفيًا يشق طريقه بين طوقان فقر المشاعر، ليرتمي بروحك في مرافئ العاطفة التي تعمق الصلة بإحساسنا الإنساني الذي إن لم تحسن الإصغاء إليه تبلدت حواسك وانطفأت شموع رغباتك المتوهجة.