م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

1 - هل يجب أن نفقد من نحب حتى نعرف كم نحبه؟ كلنا سيجيب: لا.. لكن كم منا يعرف فعلاً قيمة من يحب؟ أغلبنا لا يعرف، هنا تكمن المشكلة التي يعاني منها كل إنسان.

2 - يقول البعض: أحياناً يجب أن نفترق عن بعض حتى نحس بالفقد لنعود لبعض.. هذه محاولة بائسة للدفاع عن النفس أمام الضمير.. أو محاولة للهروب أمام واجب يتنافر مع مشاعر ذاتية.. أو محاولة لخداع النفس.

3 - الحقيقة أن كل شيء كنت تمتلكه ثم فقدته يتحول مع الزمن إلى ذكرى باهتة.. إلا الحب إذا فقدته فهو يتحول مع الزمن إلى جرح غائر وعلامة فارقة في روحك.. فحينما تفقد من تحب تبدأ في رؤيته في كل مكان وتحس به في كل شيء.. وتسمع صوته كأنه صدى الريح.

4 - ينتاب المحب الإحساس بالفقد والاحتياج ويحس بالضياع إذا لم يكن الحبيب قريباً أو على اتصال معه.. فيتوسل ويتضرع ويتلهف ويفقد الصبر.. وتنتقل مشاعره من الحزن إلى التوتر.. فيغمره اليأس فيتذلل للحصول على ما يحتاجه وهو وصال الحبيب.

5 - من سمات البشر أنهم كائنات اجتماعية.. لذلك فهم يهبون قلوبهم بسهولة.. ويستقبلون قلوب الآخرين بسرعة.. لأنهم ببساطة يريدون أن يُحِبُّوا وأن يُحَبُّوا.. لهذا يصفون الحب بأنه أعمى.

6 - لا شك أن الحب فعل خطير.. لأنه يمنحك في البداية الغبطة.. ثم تستسلم له دون مقاومة.. وبعد أن تصحو منه تهدأ مشاعرك.. لكنك في اليوم التالي تطلب المزيد.. فكما يحصل مع المدمن على المخدرات يحدث مثله في الحب.. حيث يشعر المحب بتلك الرغبة الملحة بتناول المزيد.

7 - فَقْدُ من نحب ليس مشاعر فقط بل إنه أمر يَنْتَزِع.. وحينما ينتزع فإنه يأخذ معه مشعاً من لحم الجسد ودم القلب وأحاسيس الروح.. ويترك خلفه جرحاً غائراً لا يلتئم مهما طال الزمن.

8 - قليلون من لا يملكون قصصاً في الفقد موجعة.. وقليلون هم الشجعان الذين لم يخوضوا معارك الفقد في الحب والحياة.. إن خيبات الأمل في الحب هي محور الحب في الحياة وهي الأساس وغيرها الاستثناء.

9 - إذا كان للحب أجنحة فإن للفقد مخالب.. ومن لم يعان من الفقد فهو لا يستطيع أن يدعي معرفة الحب.. وإذا كانت القسوة سمة أحد الطرفين والكبرياء سمة الطرف الآخر فحتماً الفقد هو النتيجة.. أما إذا رَسَمْتَ طريق الفقد بكل دقة فلا تعتذر ولا تَعُد.. الأكيد أن الفقد في الحب هو الموت الصغير.