د.شريف بن محمد الأتربي
تُمثّل معايير تقييم الأداء، المستويات التي يكون فيها الأداء مُرضياً؛ لذلك يُعدّ اختيار هذه المعايير من الأمور الضروريّة لنجاح تنفيذ تقييم الأداء؛ بسبب دورها في مساعدة منسوبي المنشأة على معرفة المهام المترتبة عليهم لتحقيق أهدافها. كما تُساهم هذه المعايير في تقديم الدعم للإدارة في اختيار الأمور التي تُساعد على تطوير الأداء بشكلٍ عام.
والمؤشر هو أداة تقييم واتخاذ قرار (تعديلات التوجيه والتصحيح الرجعية) التي من خلالها سوف تكون المنشأة قادرة على قياس حالة أو الاتجاه، بطريقة موضوعية نسبياً وفي وقت معين أو فضاء معين. المؤشر (النوعي أو الكمي) يصف عموماً حالة، ضغط أو استجابة لا يمكن أن يُؤخذ فيه قرار مباشرة.
ويشير مصطلح المؤشر (Indicator) في قاموس المورد، إلى الدليل الذي يستخدم لإظهار حالة أو تمييز شيء ما.
ولكل مجال من مجالات العمل مؤشرات خاصة به، منها ما هو عام يمكن أن يرتبط بأغلب مجالات الحياة، مثل تعزيز الهوية الوطنية، ومنها ما هو شديد الخصوصية، وهو يتعلّق بحرفية العمل المطبق فيه.
والعملية التعليمية هي إحدى أهم المجالات التي تطبق فيها مؤشرات الأداء المبنية على الأهداف، نظراً لما تمثِّله هذه المؤسسات التعليمية من روافد ترتبط بسوق العمل وتؤثِّر على خطط التنمية. وقد عرفت Margaret McLaughlin المؤشرات التعليمية بأنها إحصاءات فردية أو مركبة مرتبطة بصورة أساسية بالتخطيط للعملية التعليمية، حيث إنها تفيد في تشخيص طبيعة النظام التعليمي من خلال مكوناته - مدى ارتباط هذه المكونات، ومدى تغيرها بمرور الزمن - فهذه المعلومات يمكن أن تستخدم للحكم على مدى التقدم نحو مجموعة من الأهداف أو المعايير، أو الحكم على مدى التغير في بعض النتائج السابقة، أو المقارنة ببعض المعلومات الناتجة من مؤسسات أخرى أو دول أخرى.
ومع نهاية الفصل الدراسي الثاني عام 1441-1442، أُصدرت العديد من التقارير التي ترصد نتائج هذه المرحلة بطريقة رقمية، بحيث تم تحديد عدد المستفيدين، والأنشطة المختلفة، والحضور والغياب، وغيرها من الأرقام التي عبرت عن سير العملية التعليمية خلال تطبيق نظام التعليم عن بعد بسبب جائحة كوفيد 19 المستجد.
وقد عمدت الجهات المسؤولة إلى إعادة إصدار التقارير الخاصة بها، بحيث فُصلت هذه التقارير سواء من خلال إدارات التعليم أو المكاتب التعليمية، وأيضاً المدارس بكافة مستوياتها. وهذه التقارير الرقمية تعكس مخرجات أداء لا يمكن مقارنتها للوصول إلى حقيقة تحقيق المستهدف أم لا؟ وذلك بعيداً عن الأهداف التي وضعت قبل بدء العملية التعليمية برمتها والتي تمثِّل مخرجات التعليم المتوقعة من الجهات التعليمية.
وترتبط الأهداف عادة بمؤشرات؛ هذه المؤشرات تساعد صانعي السياسة التعليمية، في تقويم أداء المنظومة التعليمية ككل، والتي تشمل الطالب وتقييم أداء المؤسسة التعليمية، ومراقبة عمل أنظمة التعليم، والتخطيط والإدارة الفعَّالة للموارد والخدمات التربوية بشكل مباشر وبشكل غير مباشر، كما أنها تؤثِّر في تشكيل السياسة التعليمية وتساهم في وضع قوانين عامة لأنظمة التعليم.
وتعد المدرسة المؤسسة التعليمية الاجتماعية التي تسهم في إعداد الطلاب في المجتمع في ظل التغيّرات المتوالية على الحياة الاجتماعية في البيئة التي تقدّم فيها الخدمة التعليمية؛ أو على مستوى العالم نتيجة الظروف والمتغيّرات الفجائية، لذا فإن الاهتمام بالبيئة التعليمية المدرسية، ووضع أهداف ومعايير خاصة بها، يعد من أولويات القائمين على التخطيط. ومن خلال مخرجات هذه الأهداف يمكن وضع خطط إصلاح البيئة التعليمية المدرسية، وهذا يتطلب أيضاً مراجعة الممارسات القائمة في العملية التعليمية بالمدرسة، والتقويم، وإعادة بناء البيئة التعليمية لتنظيم ما يتم تقديمه في المدرسة مستقبلاً.
ومع العودة للدراسة المباشرة داخل الفصول في العام الدراسي القادم -بإذن الله- سوف يكون هناك تغير في الأهداف الإستراتيجية للتعليم، وكذلك معايير التقويم، مما يستلزم إعادة تهيئة القائمين على العملية التعليمية للتعامل مع هذه المتغيرات سواء من خلال التدريب المباشر، أو من خلال النشرات التوضيحية والمذكرات التفسيرية.
ولعل من المقترحات التي يمكن الاستفادة منها في هذا الصدد، هو العمل على بناء لوحة بيانات مركزية يشارك فيها جميع أفراد المجتمع التعليمي، وبحيث تعكس هذه البيانات بصورة صحيحة مؤشرات أداء تعليمية مبنية على أهداف حقيقية قابلة للقياس والتحقق، مما يساعد على التدخل السريع من قبل المسؤولين لتجنب هدر الجهد والوقت الزمني.