فقدت محافظة الرس الأسبوع الماضي وبكل ألم وحزن وبإيمان بقضاء الله وقدره واحداً من رجالها المعروفين ومن طلبة العلم المميزين إنه (الشيخ سليمان بن صالح العقلان أبو صالح) إمام مسجد حي المطار في محافظة الرس الذي توفي إثر مرض السرطان الذي لازمه في الفترة الأخيرة تأثر الجميع لوفاته يرحمه الله وأبو صالح له سيرة حسنة ومنذ طفولته وهو يتمتع بالأخلاق الحسنة وحرصه على العلم وحبه للقراءة حيث ولد في بلدة قصر بن عقيل غرب الرس وتربى في كنف والده الشيخ صالح العقلان الذي كان مؤذناً ومن تجار البلدة، التحق الشيخ سليمان في مدرسة القصر الابتدائية عام 1368 هجري وكان طالباً متفوقاً ومميزاً ومن الطلبة الأوائل بعدها واصل دراسته في مدينة بريدة في معهد المعلمين ودرس فيه لمدة سنتين وبعد التخرج عين مدرساً في بريدة وكان محبوباً ومخلصاً في أداء رسالته التعليمية ثم انتقل إلى مدينة الرياض للالتحاق بدورة تأهيلية في الكلية بعد المعهد وتخرج منها بتفوق وعين إماماً وخطيباً في جامع حي الضباط بالرياض وتميز في الإلقاء والخطابة، وفي عام 1396 انتقل إلى محافظة الرس وتولى إدارة مدرسة المهاجرين الابتدائية وعين إماماً لمسجد حي المطار الذي استمر فيه لمدة خمسة وأربعين عاما حتى وفاته يرحمه الله وكان يقوم بدور المؤذن والإمام وعامل النظافة حتى أنه كان يجتهد أكثر في شهر رمضان المبارك ويطبق سنة الاعتكاف وقراءة القرآن وختمه لعدة مرات ولم يترك المسجد نهائياً إلا بعد أن اشتد عليه المرض ورغم ذلك يذهب إلى المسجد كما وصف لي أحد جيرانه الأستاذ عبد الله العواجي الذي ذكر لي بأن الشيخ رحمه الله كان مثالا للإمام القدوة وكان يلقي الدروس خاصة من كتاب رياض الصالحين على جيران المسجد عبر مكبرات الصوت الخارجي بين الأذان والإقامة وكان لحديثه صدى وراحة ومشوق وجذاب لكل من يسمعه من الجيران من النساء والرجال وهم في بيوتهم ومن كان مارا بالشارع وله من الأبناء وأغلبهم من طلبة العلم ابنه صالح القاضي في تمييز المدينة المنورة ومحمد وعبد المحسن وعبد الرحمن وعبد المجيد وحسان وعبد الله وإبراهيم وكان رحمه الله عضواً فعالاً في جمعية قصر بن عقيل الخيرية وأبرز العاملين فيها وكان مما يميز أبو صالح حبه للمشي والتنقل على قدميه للصلاة وخاصة يوم الجمعة ويحب بعد المسافات ويأمل بذلك أن تكتب له خطوات من الأجر والثواب والرجوع من طريق آخر لتطبيق السنة ويذهب مبكرا لللاة وكان رحمه الله محبوباً لأهل الحي يسأل عن الكبير والصغير والمرأة وله جهود في مساعدة كل محتاج يأتي إليه أو يسمع عنه ومن مواقفه الإنسانية في إدارته لمدرسة المهاجرين مع بداية الحصة الأولى يتفقد الطلاب ويسأل عن الجميع هل صليتم الفجر مع الجماعة وإذا وجد تقصيراً من أحد الطلاب قال له قم وصل حتى يرضى الله عنك وتكون في ذمته وحفظه يقول ذلك تحفيزا لهم وقد سمعنا عنه أنه أيام كان في بريدة فقد كان بيته يحظى باستقبال الضيوف ومنزله بيت كرم وخاصة لأهالي الرس ممن يفدون إلى مدينة بريدة ولحرصه على دينه وخاصة صلاة الفجر له عبارة معروفة مكتوبة ومعلقة في مجلسه (من لم يصل الفجر معنا لا ينام عندنا) لقد أصابه المرض رحمه الله منذ عام قبل وفاته تحمل ذلك على نفسه واكتشف الأطباء أنه مصاب بمرض السرطان، حمد الله وأثنى عليه وقال (اللي من الله حياه الله) رفض أن يأخذ العلاج الكيماوي لإيمانه بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وتحامل على نفسه والعيش فقط مع المسكنات والمهديات إلى أن توفاه الله وحتى في لحظاته الأخيرة وقبل وفاته بأيام كان يصيبه شبه غيبوبة وإذا فاق قال لأبنائه (ما صليتوا علي).
كان حضور جنازته من كل محبيه وأقاربه والكل يدعو له بالمغفرة والرحمة وتم الصلاة عليه وتشييعه في مقبرة الرس. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يجعل ما أصابه أجر وتكفير {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
منصور محمد الحمود - الرس