الأمن الفكري هو الحصانة من التطرف والأفكار المنحرفة والهدّامة، ويعتبر من أهم الوسائل في توفير الحماية للمجتمع ومعنى الفكر كما عرّفه صاحب (المعجم الوسيط): هو إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة المجهول، والفكرة هي الصورة الذهنية لأمر «ما»، ومنها: أفكر في الأمر، فكّر فيه، فهو مفكر، وتُعرَّف عملية التفكير أيضاً بأنها نشاط ذهني داخلي يتضمن مرور التخيلات والخواطر والمدركات الانفعالية والحسية وهو جهد بشري يحتمل الصواب أو الخطأ، والوسائل الإعلامية المختلفة لها كبير الأثر لدى الناس بهدف الاطلاع والتثقيف ومتابعة الأخبار والبرامج الترفيهية والمسابقات.. ولكن هناك من يسيء استخدامها وتوجيهها لنشر الأفكار الهدّامة والعنف والإرهاب وهدم للقيم والأخلاق، فالأمن الفكري يعتبر هو صمام الأمان لتجنيب المجتمع من الانزلاق في متاهات الفكر المنحرف، وهو مطلب ومهم لجميع شعوب الأرض ولا تكتمل الحياة الهانئة وتطورها والارتقاء بها إلا بوجوده، وعلى أثره تتحقق الطمأنينة على سلامة الفكر والاستقرار والتوازن النفسي وحماية معتقداته ومورثاته الفكرية والثقافية وبث روح التسامح في المجتمع والتفاعل مع الثقافات الأخرى، فالأمن الفكري والحفاظ عليه مسؤولية مشتركة بين مؤسسات المجتمع وأفراده كافة، ومن أبرزها الأسرة والمدرسة والمسجد وغيرها.. فالأسرة هي المسئولة عن تكوين نمط شخصية الفرد وأخلاقياته، وهي اللبنة الأولى في البناء الاجتماعي، ومسؤولة عن سلوك أفرادها ووقايتهم من الانحراف والجريمة، وتتحمل الأسرة مسؤولية كبيرة جداً في تحصين ووقاية أبنائها من أي انحراف فكري يؤدي إلى الغلو والتطرف بالوقوف مع أبنائهم ومراقبة سلوكياتهم واستخداماتهم لمختلف الوسائل الإعلامية الحديثة ونصحهم وتحذيرهم من المواقع المشبوهة من المرجفين والمضللين أصحاب الفكر الضال, وكلما كان الأب والأم قريبين من أبناءهما وبناتهما كلما زادت الألفة والاحترام والاستجابة للنصيحة وتلبية جميع المتطلبات، وحثهم وتعويدهم على حب الخير للآخرين وعلى مكارم الأخلاق، وحب الوطن، والانتماء إليه، ووجوب الحفاظ على مقدرات الوطن، والابتعاد عن أي من التأثيرات السلبية التي قد يشاهدونها عبر الوسائل الاعلامية المضللة التي تسعى جاهدة لهدم كل القيم والمبادئ لديهم، أما دور المدرسة فهو بالغ الأهمية في تنشئة شخصية الطالب الصحيحة، فالمعلم دوره مهم ومؤثر على طلابه فهو القدوة والمربوالركيزة الأساسية في نجاح العملية التربوية، ويقوم بمهام كبيرة في توجيه الطلاب وترسيخ الوازع الديني والوسطية والوطنية، وإتاحة أسلوب الحوار والمناقشة، والاستماع لهم، واحترام آرائهم، واستخدام التفكير كي يستطيعوا أن يفرّقوا بين الحق والباطل، وللمسجد أيضاً دور مهم، حيث تقام فيه الصلوات الخمس المفروضة، ويلتقي سكان الأحياء خمس مرات في اليوم لأداء الصلوات المفروضة، فتسود المحبة والألفة والاحترام المتبادل بين الجميع ونبذ العنف والفرقة والتناحر، ومن الوسائل المساعدة على تحقيق الأمن الفكري هي الخطاب الديني الرشيد الذي يتسم بالوسطية ويخلو من التطرف والغلو، فحماية الأمن الفكري يتحقق بالمشاركة الفاعلة مع مؤسسات المجتمع كافة، بدءاً بالأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والإعلام، والعمل الاجتماعي، والثقافي، والجهات الأمنية وغيرها.. فالشباب هم مجد الوطن وحضارته وحُماته وعِماد مستقبله.
اللهم أدم على وطننا نعمة الأمن والاستقرار، واحفظ ووفق ملكنا المفدى سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده القوي الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وسمو وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، لكل خير، وأدِم عزهم وسؤددهم.
«فوطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه».
** **
b.abdulkareem@hotmail.com