د.عبدالعزيز الجار الله
تعمل إيران وبمنهجية سياسية وعسكرية وأيديولوجية على استنساخ التجربة الحوثية في اليمن التي ترى أنها تجربة ناجحة، ليتم تطبيقها في العراق بكل تفاصيلها، وهي المرحلة الأخيرة والمكتملة من اقتطاع مساحات أراضٍ عبر ميليشياتها العسكرية وجعلها منطقة لنفوذها كما هو الحال في لبنان، حيث اقتطعت الجنوب اللبناني المقابل للشمال الفلسطيني والإسرائيلي وجعله خاصا لحزب الله باعتباره منطلق المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية والفلسطينية، مما مكنها من إنشاء ميليشيات عسكرية تحت غطاء المقاومة العربية والإسلامية، وحصلت بموجبه على الدعم والتأييد من العالمين العربي والإسلامي بحجة تحرير الأرض والمقدسات في القدس.
هذه كانت حجة إيران لجعل مشروعية لها وتواجدها وحزب الله على حدود فلسطين التاريخية، وفي الواقع هي تخطط لقيام كيان شيعي صرف في الجنوب اللبناني والسيطرة على الحكومة اللبنانية بقوة السلاح والنفوذ السياسي لصالح إيران، فقد تطورت لدى إيران فكرة السيطرة على لبنان كاملاً وليس على الجنوب بعد نجاح فكرة السيطرة على اليمن بعاصمته صنعاء ومدنه الساحلية والداخلية عام 2014 من قبل الحوثي، قبل تدخل التحالف العربي عام 2015 وإعادة الشرعية لليمن، فالحرب ما زالت مستمرة لتحرير اليمن من قبضة الحوثي وإيران.
تلعب إيران هذا الدور الخبيث والمتعدد الأدوار مع الشعب العراقي منذ عام 2006 انسحاب أمريكا من العراق، وتقديم العراق لقمة سائغة لإيران حيث احتلت ميليشياتها المفاصلة الحيوية للعراق، وتعمل الآن السيطرة على الحكومة لجعلها كاليمن سيطرة تامة على الدولة والشعب، فهي حالياً في المراحل الأخيرة من مشروعها، إذا لم يتدخل التحالف الدولي بقيادة أمريكا، وإضعاف وتدمير الجماعات والميليشيات الإيرانية التي تتسلح بسلاح دولة كامل العتاد والعدة، ومساعدة العراق على تحرير نفسه من الجماعات الإيرانية.
وحتى سورية نفس المصير أغرقتها إيران بالميليشيات وعملت على التطهير العرقي والإحلال بدل السكان الأصليين شعوب من إيران وأفغانستان والباكستان والأقليات غير العربية، وطرد السوريين خارج البلاد لاجئين في عواصم العالم، لكن الفارق ما بين العراق ولبنان، وبين سورية أن روسيا هي الممسك بالقرار السياسي والعسكري والجوي في سورية وليس إيران منفردة.