«الجزيرة» - وكالات:
يُعتقد أن عنف ما قبل التاريخ على حافة الصحراء الكبرى، والذي قد يكون أقدم حرب عرقية حُددت، كان في الواقع سلسلة من الصراعات، كما يشير تحليل لهياكل عظمية عمرها 13000 عام.
وتشير الصدمة الملتئمة على البقايا الموجودة في مقبرة جبل الصحابة في السودان، إلى أن الأفراد قاتلوا ونجوا من عدة اعتداءات عنيفة، بدلاً من القتال في حادثة قاتلة واحدة كما كان يعتقد سابقاً.
واكتُشفت المقبرة في عام 1965 على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتضم 61 فرداً على الأقل يعود تاريخهم إلى 11000 قبل الميلاد - توفي نصفهم تقريباً متأثرين بجروحهم.
واعتقد العلماء في الأصل أن الصيادين وجامعي الثمار قُتلوا في نزاع مسلح واحد، يُعتبر أول مثال معروف للعنف بين الجماعات.
ومع ذلك، فإن إعادة تحليل العظام باستخدام تقنيات الفحص المجهري المتوفرة حديثاً، تشير إلى أنها كانت في الواقع سلسلة من حلقات العنف، والتي ربما تفاقمت بسبب تغير المناخ.
وجرى تحليل الهياكل العظمية، التي تُحفظ حالياً في المتحف البريطاني في لندن، من قبل علماء من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي وجامعة تولوز.
وحددوا 106 جراح وصدمات غير موثقة سابقاً، وتمكنوا من التمييز بين إصابات المقذوفات (من السهام أو الرماح)، والصدمات (من القتال القريب)، والآثار المرتبطة بالتحلل الطبيعي.
ووجد الباحثون أن 41 شخصاً (67 %) المدفونين في جبل الصحابة، يعانون من نوع واحد على الأقل من الإصابات الملتئمة أو لم تلتئم.
ويقترح العلماء أن عدد الجروح التي تلتئم يتطابق مع أعمال العنف المتفرقة والمتكررة، والتي لم تكن قاتلة دائماً، بين مجموعات وادي النيل في نهاية العصر الجليدي المتأخر (126000 إلى 11700 سنة مضت). ويشير البحث إلى أن هذه ربما كانت مناوشات أو غارات متكررة بين مجموعات مختلفة. وحُدد ما لا يقل عن نصف الإصابات على أنها جروح ثقيلة ناجمة عن مقذوفات مثل الرماح والسهام، ما يدعم النظرية القائلة بأنها حدثت عندما هاجمت الجماعات من مسافة بعيدة وليس أثناء النزاعات الداخلية.
وقال الباحثون بقيادة إيزابيل كريفيكور، في مجلة Scientific Reports: «نحن نستبعد الفرضية القائلة بأن جبل الصحابة يعكس حدثاً واحداً للحرب، حيث تدعم البيانات الجديدة حلقات متفرقة ومتكررة من العنف بين الأفراد. والضغوط الإقليمية والبيئية الناجمة عن التغيرات المناخية هي على الأرجح مسؤولة عن هذه الصراعات المتكررة بين ما يبدو أنه متميز ثقافياً بين مجموعات الصيادين شبه المستقرة في وادي النيل».
واقترح الخبراء في السابق أن القتال اندلع بسبب الكارثة البيئية للعصر الجليدي، والتي تسببت في أن يعيش المهاجمون والضحايا معاً في منطقة أصغر.
وجعلت الأنهار الجليدية في العصر الجليدي التي تغطي معظم أوروبا وأمريكا الشمالية في ذاك الوقت، المناخ في مصر والسودان بارداً وجافاً، ما أجبر الناس على العيش بالقرب من النيل.
ولكن النهر كان إما برياً أو منخفضاً وبطيئاً، وكان هناك القليل من الأراضي التي يمكن للناس العيش عليها بأمان، وكانت الموارد شحيحة. وربما كانت المنافسة على الطعام هي سبب العنف، ونشرت الدراسة في مجلة Scientific Reports.