محمد سليمان العنقري
الإسكان من بين أهم القطاعات التي تستهدفها رؤية المملكة الاستراتيجية، نظراً لانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية، ومنذ عام 2017 الذي يعد بداية الانطلاقة العملية الواسعة لانعكاسات هيكلة قطاع الإسكان بات يشهد حراكاً واسعاً نحو تحويله إلى صناعة متكاملة، فهو من القطاعات ذات الأبعاد الاقتصادية الواسعة التأثير، إذ يرتبط به نحو 120 نشاطاً من مواد البناء إلى التشييد وكذلك الخدمات العقارية وتجارة التجزئة عموماً من أدوات كهربائية منزلية وأثاث وتصاميم والتمويل والعديد من الأنشطة بعد إنشاء مئات الآلاف من المنتجات السكنية خلال الأعوام الخمسة الماضية.
فتطوير قطاع الإسكان بني على مرونة عالية في التعامل مع معطيات السوق من خلال التدخل عند الحاجة، فملف تطوير القطاع يحظى باهتمام مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله حيث ارتفعت نسبة تملك السكن منذ عام 2016 حتى عام 2020 من 47 في المائة إلى 60 في المائة وفق آخر الإحصاءات بعد ضخ مئات الآلاف من الوحدات السكنية والأراضي وارتفاع نسب التمويل العقاري، ففي عام 2017 بلغ عدد عقود الإقراض العقاري 30 ألف عقد بينما بدأت بالارتفاع تدريجياً بعد تغيير جذري في آليات تمويل الصندوق العقاري والشراكة مع قطاع التمويل التجاري لتبلغ العقود في العام الحالي معدل 30 ألف عقد شهرياً، فما يتم إقراضه بشهر يعادل ما تم إقراضه في سنة قبل أربعة أعوام ورغم تحديات تطوير قطاع ضخم وله تشعبات عديدة في تأثيراته إلا أن ذلك لم يمنع أو يؤخر طرح الحلول سواء العاجلة أو الدائمة من خلال الشراكة مع القطاع الخاص وإصدار الأنظمة والتشريعات الميسرة لتحريك النشاط العقاري السكني تماشياً مع الهدف الاستراتيجي بالوصول لنسبة تملك السكن إلى 70 في المائة عام 2030 م وهي تستوعب معها النمو السنوي للطلب على السكن.
أما في التحركات العاجلة لمواجهة الطلب الحالي فقد وجه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتخصيص مساحة 20 مليون متر شمال الرياض بعد أن ارتفعت الأسعار مؤخراً نتيجة لجملة من العوامل وبهذا التخصيص الذي يعد الأكبر في تاريخ قطاع الإسكان وأضيف لضاحية الجوان لتصل مساحتها إلى 30 مليون متر مربع من عشرة ملايين لتكون أكبر ضاحية سكنية في المملكة وتضيف أكثر من 40 ألف وحدة سكنية وسيسكنها 365 ألف نسمة وتلبي 20 في المائة من الطلب تقريبا الذي يبلغ نحو 230 ألف طلب تملك سكن في الرياض بهدف استعادة توازن الأسعار لتكون المنتجات فيها بمتناول شريحة واسعة من المواطنين وتقدم من خلالها حلولاً سكنية ذات جودة عالية وبخدمات متكاملة تمثل النموذج الأحدث والمتكامل في التطوير العقاري بمفهومه الشامل الحديث مما سيكون بمثابة الموجه لسوق التطوير من القطاع الخاص بطرح منتجات بذات الجودة والأسعار التي ستطرح بضاحية الجوان في الرياض بل في أغلب المدن الرئيسة مستقبلاً.
التخصيص الكبير الذي حصلت عليه الرياض بهذه المساحة الكبيرة يتماشى مع التوجه لتكون من بين أكبر عشر مدن اقتصادياً في العالم وبعدد سكان يقارب 20 مليون نسمة مستقبلاً وأيضا لتصبح من بين أفضل عشر مدن للعيش عالميا وسيكون لنشاط قطاع الإسكان دور كبير في تحقيق هذه الاستراتيجية للرياض الذي وصل تأثيره في الناتج المحلي للمملكة إلى نحو 115 مليار ريال سنوياً وولد أكثر من 40 ألف فرصة عمل دائمة وسيكون له تأثير بالغ في الناتج المحلي مع تسارع نمو عرض المنتجات التي يتوقع أن تبلغ 4 ملايين وحدة سكنية جديدة خلال الأعوام العشرة المقبلة مما سيضاعف من نسبة القطاع في الناتج المحلي ويولد مئات الآلاف من فرص العمل ويزيد من نسبة المحتوى المحلي التي ارتفعت من 30 في المائة إلى 70 في المائة في الأنشطة العقارية مما يعني زيادة في حجم الاستثمارات في قطاع الإسكان في جميع الأنشطة المرتبطة به.