د. محمد بن عبدالعزيز العقيل
إنَّ بيان خطر وأساليب جماعة الإخوان المسلمين الإرهابيَّة في هذا الوقت خاصة مطلبٌ مُلِح، وذلك للأسباب الآتية:
الأول: ظهور الفرق والجماعات والأحزاب المتعددة باسم الدعوة إلى الله تعالى، مما أدَّى إلى تفريق الأمة وتشتيت جماعتها.
الثاني: تفسير الجماعة بتفسيرات خاطئة تخالف ما عليه أهل السنة والجماعة، وتؤدي إلى الفرقة والخلاف، فكان لا بد من بيان معنى الجماعة وفق فهم السلف الصالح عليهم رضوان الله تعالى.
الثالث: زَعْمُ البعض أنَّه لا توجد الجماعة الشرعية التي يجب لزومها.
الرابع: كثرة الدعوة إلى الخروج على جماعة المسلمين في كل قِطْرٍ وبلد، وخاصةً في هذه الفترة الراهنة؛ حيث تكاثرت هذه الدعوات تحت مسمَّى الحرية والعدالة وغيرها من المسميات البرَّاقة التي ربما غرت الدهماء، وأثارت الغوغاء.
بنيانٌ مرصوص
-نصَّت المادة الحادية عشرة من النظام الأساسي للحكم: «يقوم المجتمع السعودي على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرقهم».
-نصَّت المادة الثانية عشرة من النظام الأساسي للحكم: «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام».
-نصَّت المادة الثالثة عشرة من النظام الأساسي للحكم: «يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء، وإكسابهم المعارف والمهارات، وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم، محبين لوطنهم، معتزين بتاريخه».
وقد أصدرت هيئة كبار العلماء بيانًا شافيًا كافيًا، فيه النصيحة بلزوم الجماعة، والتَّحذير من الجماعات الضالة التي تشق عصا المسلمين، وتفرق جماعتهم، وذكرت الهيئةُ جماعةَ الإخوان المسلمين وحذَّرت منها، ومن الانتساب إليها، أو التعاطف معها.
التغلغل والتلون
قامت جماعة الإخوان الإرهابيَّة بالتوغل في دول الخليج عامة والسعودية خاصة، وذلك بعد أن ساهمت ظروف ومحاولات اجتثاث الإخوان في مصر، خاصة بعد حادثة المنشية عام 1954م، وهي المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس جمهورية مصر العربية جمال عبدالناصر، التي قدمت تبعاتها فرصة على طبق من ذهب لهذه الجماعة الإرهابية للبقاء على قيد الحياة، بعد أن لاذ بعض من منسوبيها بالفرار إلى الخارج؛ ليكونوا سبباً في توسع نطاق نشاط الجماعة وانتشار سرطان أفكارها الهدامة عالميًا من حيث لم نحتسب، فكانت سببًا لنماء شبكة تحت مسمى «التنظيم الدولي لجماعة الإخوان»، وكانت دول الخليج أحد الملاذات الآمنة التي لجأ إليها بعض من أعضاء الجماعة.
وساعد في تغلغلهم أنهم جماعة حزبية متلوِّنة ذات وجوه متعددة ولها ألبسة مختلفة ومسميات متباينة، ونسخٌ تتغير بحسب مصلحة الحزب، سالكين سياسة التجميع بلا إنكار على المخالف إلا من خالفهم، يظهرون الأهداف العامة التي يستعطفون بها العوام، ويبطنون الأهداف الخاصة التي يدينون بها فعلاً كالخروج والثورة على الحكام واغتيالهم من أجل الوصول إلى حلم الخلافة الموهوم، فتارة يأتون بالتنظيم البنائي الذي يظهر الوجه الناعم؛ ليتغلغل في الحكومات ويصل إلى المناصب، مع طرق ماكرة في الدفاع عن القطبيين والسرورين؛ فتارة يظهرون النكير عليهم، وتارة يؤيدونهم.
وتارة يأتون بالتيار القطبي: الذي يظهر الشدة والتكفير كما هو حال سيد قطب في كتابه الظلال وغيره.
وتارة يأتون بالتيار السروري: أتباع محمد سرور، الذين يظهرون الحرص على العلم، ويبطنون مذهب الخوارج عامَّة والقعدية خاصَّة، وفكر الثورة.
فإذا غضبت الحكومة على التيار القطبي أو السروري غضب التيار البنائي مع الحكومة وأنكروا على القطبية والسرورية، وإذا أرادت الحكومة أن تناصحهم قبل عقوبتهم سابقوا لذلك بحجة أنهم يفهمونهم ويستطيعون حوارهم، ثم يخففون الحكم قدر الاستطاعة، أو يضحون بطائفة لحفظ البقية الأكثر وهكذا... مما ساهم في تغلغلهم ولهم أساليب كثيرة جدًا تجاوزت في جمعي لها أكثر من 70 أسلوبًا مما يؤكِّد خطر هذه الجماعة.
غدر وخيانة الجماعة
* قال وزير الداخليَّة الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى: «استضفنا الإخوان المسلمين؛ فأوجدنا لهم سبل العمل؛ ففيهم مدرسون وعمداء، فتحنا أمامهم أبواب المدارس، وفتحنا لهم الجامعات، ولكن للأسف لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة فأخذوا يجندون الناس وينشئون التيارات وأصبحوا ضد المملكة...».
* ويقول رحمه الله: «لا نستطيع أن نتجاهل الواقع ولا ما يطرح ولا ما طرح وما تعرضت له جامعاتنا من أساتذة أتوا بأفكار لا تمت لما عليه أهل السلف وعلماء السلف».
* وقال وزير الخارجيَّة الأمير سعود الفيصل رحمه الله تعالى: «تدفقوا على البلاد بشكلٍ كبير، وتقلدوا المناصب التعليمية ومناصب أخرى رفيعة، ومن هنا بدأت المشكلة، لقد أخلوا وأساؤوا استضافتنا لهم، لقد تعاملنا معهم بأمانة، لكنهم لم يفعلوا فخانوها، وهذا هو الخطأ الذي لن يتكرر».
* وبيَّن ذلك ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان حينما قال: «إنَّ المدارس السعودية تعرَّضت لغزوٍ من عناصر من جماعة الإخوان المسلمين، ولا يزال البعض منهم موجودًا ولكن في القريب العاجل سيتم القضاء عليهم نهائيًا...».
* وقال أيضاً: «بالطبع سنقضي على التشدد، فلا توجد دولة في العالم تقبل أن يتعرض نظامها التعليمي لغزوٍ من أي جماعة متطرفة».
رسالة
فوجب على الجميع العمل وفق إستراتيجية علميَّة فكريَّة تربويَّة واضحة تقوم على أساس من تقديم المختصين بمعرفة الفرق والجماعات الحزبيَّة المعاصرة دراسة علميَّة واضحة، بتقديم مقررات علميَّة، ودورات تدريبيَّة، وحلقات حوارية، يتبعها قياس أثر يؤكِّد للجميع سلامة المجتمع من هذه الجماعات والأفكار، ويعزز اللحمة الوطنيَّة والانتماء الوطني لدى المجتمع.
** **
- مستشار معالي وزير الشؤون الإسلامية