د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
صناعة القرار الإستراتيجي هو المسار الأهم في صناعة النتاج المؤسسي المستدام الذي يؤسس له قادة المؤسسات ليطلقوه للبناء التنموي؛ وفي ذات الوقت يعدون العدة لحماية ذلك القرار والدفاع عنه في جانبيه العملي المهني والإبداعي؛ ومفتتحه وشرطه الأساس يتمثل في قوة التنبوء لدى صانع القرار عما يمكن أن يحدث مستقبلاً وفق المعطيات الحاضرة التي لا يكتشفها إلا أولو العقول والأبصار، وأول ما يزلزل مصداقية القرار في بدايات استصداره اصطفاف حزمة من اللوائح الصماء أمام تنفيذ مضامين القرار!
وصناعة القرار الإستراتيجي المنتج يلزمه سبق في بناء الخبرات المنتجة أيضاً؛ لأن من يصنع القرار الأجدى لابد أن يمرُّ بالتحول من ممارس للمهنة ومتطلبات الموقع القيادي إلى خبير فيه، وحتماً ليست الخبرات عدداً من السنين فلربما كانت تكراراً وعجافاً!
ومن مدركات صناعة القرار الإستراتيجي الناجح القدرة الذهنية على الربط بين الظواهر والأسباب والمقدمات والنتائج، وبعد النظر وإدراك الصورة الكلية الواسعة لمتطلبات العمل المؤسسي المراد صناعة القرار من أجله؛ ويتبع ذلك إدراك الأبعاد وردود الأفعال تجاه القرار قبل وبعد استصداره، وتضمين القرار رؤية واضحة للتطوير والعمل على إنجازها من خلال أصل القرار حتى لا تتقاطع خطط التنفيذ مع صلب القرار في بعض جوانبه، ويعشوشب القرار المؤسسي عندما ينقل المتأثرين به من التطبيقات الحالية إلى الاحتمالات المستقبلية؛ وتلمع القرارات وتصطف في مضمار التأثير والمؤثر عندما تنعتق حتماً من النمطية الممجوجة، وتبتعد أسانيد القرار عن النقل المبصوم للتوجيهات السابقة في ذلك الخصوص، كما أنه من الأهمية لصناعة القرار الإستراتيجي ووضوحه تجاوز التبعية المقلدة، وأن تنحى القرارات دائماً للواقعية الوصفية الموجزة المركزة، وعند ذاك فإن الناس يقتنعون بأن القرار كان لابد من استصداره حالاً وليس فيما بعد؛ ويسيرون في ركب المؤيدين، ومن الملاحظ أن المِران والتدريب يصقل تلك الجوانب المؤثرة ولكنه حتماً لا يوجدها، وهناك منصة أولى لمن يصنع القرار المُلهم الناجح وهي الاقتدار والقدرة على استيعاب المعلومات والمعارف ذات العلاقة المباشرة بالقرار ولا يعني رصدها في مضمون القرار ولكن لصياغة قرارات تحترم المعلومات ذات العلاقة حولها فإن تبددتْ تلك المعلومات وتضاربتْ فلن يخلد القرار حتماً! ولابد في كل ذلك من استشراف خطة واضحة للإنتاجية!
والقرار الإستراتيجي الناجح المتفق على نفعه ونجاحه هو الكشاف الحقيقي للقائد الملهم الجدير، والقرار المؤسسي الصواب يجعل انحياز المرؤوسين وميدان العمل لصانع القرار متفقاً عليه، والرؤية الوطنية العملاقة 2030 جعلت صناع القرار في المؤسسات والمواقع الوطنية تحت مجهر المحاسبة فيما يخص الإنجاز والوصول الممنهج السريع والخواتيم المؤثرة المنتجة؛ وصناعة القرارات المجزية حتماً تتطلب قيادات مجزية ذات ملكات عالية لديها أيضاً إضافة لما سبق وضوح ذهني لمنظومة من القيم تتمثل في الصدق والأمانة والموثوقية؛ والمبادئ الحاكمة لتشكيل القرار وتكوينه، ولديها صفحة واضحة لمن سوف ينالهم التعامل مع القرار وتطبيقه، وصناعة القرار الملهم يسهم قطعياً في رسم رؤية المؤسسة، كما أنه يصنع القوة التي تحقق تلك الرؤية، وتأتي احترافية صناعة القرار عندما يلهم المرؤوسين لتطوير الإحساس بمعاني المهام ومتطلباتها.
بوح الختام،،
- لابد أن نتذكر دائماً أن لا شيء يزدهر وحده!
- هشة هي عظام الحصاد عندما يكون القرار ثانوياً!