فوزية الشهري
ظهرت (مي خريش) في برنامج تلفزيوني، طلب منها مقدم البرنامج المفاضلة بين إيران والسعودية، كانت إجابتها مبدئياً بأنه سؤال محرج لها، ثم أجابت دون تردد أن إيران هي خيارها!! وذلك بوجهة نظرها يرجع لسببين؛ الأول أنهم (خبروها) أنه يوجد حرية في إيران!، والسبب الآخر أنها تحب حياكة السجاد الذي يعلمها الصبر!
الجدير بالذكر أن (مي خريش) سياسية لبنانية ومن رموز أحد التيارات السياسية، وهو التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله الإيراني، وهذا التحالف أوصل لبنان إلى الهاوية، وكل متابع يرى الحالة التي وصل لها لبنان، والتي لم يسبق له أن وصل لمثل هذه الحالة، سواء بالكم أو النوع من المآسي على جميع الأصعدة.
أشفق على بعض الشعوب التي يفرض عليها من يمثلها، ويتصدر المشهد كرمز وبدعم حزبي، وهو بعيد عن الاستحقاق لتلك المكانة، فيكون الوطن والمواطن في هامش اهتمامه، بل يدير ظهره للأخطار الوجودية التي تهدد الوطن، ويعمل من أجل مصالحه الشخصية والحزبية بتواطؤ وانتهازية، فتكون النتيجة ضياع الوطن والمواطن لصالح الأحزاب والمصالح الضيقة للمنتمين لها.
لو تأملنا إجابة السيدة (خريش) لوجدناها بعيدة كل البعد عن النضج السياسي والفكري، كلمة (خبروني) برأيي اختصرت بها تبعيتها الفكرية، وأسقطتها، فهل يمكن أن يشكل عاقل موقفه من أي قضية من خلال سماع رأي الآخرين دون البحث والتدقيق؟ هل من اللائق بمن سيحمل على عاتقه التخطيط لمستقبل وطن أن يكون إمعة تابعاً دون رأي ولا يملك مهارة اتخاذ القرار ويبني رأيه على ما سمع؟! هل من خبّرها لا تستطيع تجاوزه! حتى بمجرد التفكير أو بناء الرأي الشخصي أو البحث عن صحة المعلومة؟!
هل ستتقبل الحقيقة لو أخبرتها عن تجاوزات إيران بالحريات وحقوق الإنسان؟ هل ستغير رأيها إذا رأت بعينها الأدلة؟ أم أن التبعية لحزب معين أو شخص معين سلبها حق الرؤية بحياد وموضوعية؟ فهم للأسف يرغمون أتباعهم على قطعية أفكارهم ومواقفهم رغم بطلانها؟ أشفق جداً على كل من يسلب حقه بالتفكير أو اتخاذ القرار، وأشفقت جداً عليها عند إجابتها (بخبروني). أما حياكة السجاد وتعليم الصبر فربما في ظل تردي الأوضاع التي يعاني منها المواطن اللبناني (أعانهم الله)، وذلك نتيجة لهيمنة حزب الله الإيراني على القرار السياسي وما ترتب عليه من الأزمات التي يعيشها المواطن اللبناني من عوز وبطالة وأزمات مالية وانكماش اقتصادي وبؤس اجتماعي، وطوابير الوقود، وأزمة النفايات، وتدني الخدمات، وزيادة أعداد العقول اللبنانية المهاجرة، والجوع، وتضاعف معدلات الجريمة، والعزلة العربية والدولية، وتآكل شبكات الأمن الداخلي. أعتقد أن تعليم اللبناني الصبر عبر حياكة السجاد الإيراني هي خطة (مي خريش) وحزبها لإنقاذ المواطن اللبناني! مع بقاء الأوضاع كما هي! وعلى شعب لبنان الصبر، فهذا مصير البلدان التي تتوغل فيها الميليشيات الإيرانية وتمسك بزمام الأمور.
في الختام: يقولون إن الأرقام هي اللغة التي لا يجيد استخدامها إلا الناجحون، وهي لغة تسهل اتخاذ القرار، وهي لغة لا تكذب. بالأرقام سنرى من يقف مع لبنان ويدعمها، ويسعى لازدهارها، ولن يفهم هذه اللغة إلا المخلصون لأوطانهم.
وثقت تقارير دولية حجم المساعدات التي قدمتها السعودية للبنان خلال الفترة بين عامي (1990) و(2015) بـ(70) مليار دولار، بينما إيران لا تتعدى ما قدمته مبلغ (100) مليون دولار للحكومة و(200) مليون دولار لحزب الله سنوياً، ودعم السعودية للبنان لم يكن مادياً فقط، بل كان سياسياً واتفاق الطائف، ووثيقة الوفاق الوطني اللبناني خير شاهد، وغيره الكثير من المواقف السياسية الداعمة للبنان.
وكذلك كان الدعم بمساعدات مباشرة وغير مباشرة توزعت بين استثمارات ومنح وهبات وقروض ومشاريع إعمار لبنان.
هذا ما قدمت السعودية فماذا قدمت إيران؟
الزبدة: لا تخلط بين التعاطف مع الآخر وبين رؤية الأشياء من وجهة نظره.