وكأنّ قارئ العنوان يقول مندهشاً:
لحظة ما وجه الشبه بين قريتك ود. سعيد السريحي أو كما تقول المدعو سعيد؟
وأَبْصُمْ لك بالعَشْرَة أن سؤال القارئ - باعتبار المفرد القصد منهم جمعا القرّاء-، صحيحٌ مئة بالمئة!
فتعالى معي، دَعْنِي آخذُ بحرفِ إبداعك، وأُسْرِجُه على صهوة الفِكْر، وفي رحلة المقارنة لا تخف ثق أنها متعة سعليّة بين خَيْرَة والرويس! منازل قريتي تبدأ من خلال هذا المقطع:
يالله الخيرة، هذي قريتي خَيْرَة!!
يا نبتة السعلي السحرية، ونداء الشرف من داخلي، وأنفاس الصِبا العطرية، يا حلم قلبي يا نسمة عمري، أعذرني يا قريتي بعدي عنك
لأن منازل حبيبتي هناك، رحمك الله زوجتي
أتذكرين هذا الرَحَى، يوم كُنّا في رِحَى، في حي الدار، وكثرة الزوّار، وتيك الروابي، وقبعاتنا الصوفية، تحمينا من البرد، وزخات المطر وقِرّة البَرد!
أوّاه يا قريتي يا نبضات حرفي، تطير أمام عيني ونحوي، يا ديار العِزّ، وأسطورة المُعِزّ !
أما حكاية المدعو سعيد وحي (الرِوْيس) فتبدأ باستنطاق الجوامد كما قاله أحمد شوقي في تعريفه للشِعْر... أما حكاية المدعو سعيد تبدأ من هنا:
- مَنْ أنت؟
- حَجَرٌ كان يتكئ عليه حبيبي سعيد
- ومَنْ سعيد هذا، يا تُرى؟!
- يبدو أني سآخذك في رِِحْلَةٍ ما بين الطيفِ والخيال
- أنا معك، لنبصر معاً، هذا الجمال!
الساعة الآن تشير إلى الكتابة خارج الأقواس، وبين هلاليها ( ) العاشق السعيد، حسناً سأحكي حكاية من حارات الرويس، وأنا حَجَرٌ عطّرني هذا المدعو سعيد، وجعلني كالملك السابع عشر لويس، وأنا في الحقيقة في حيص بيص، لأن حَرْفَه يسبق سُكّره، ويملأ المكانَ بمسكهِ وعَنْبَرَه، أذكرُ حين حطّّ قَلَمَهُ عليّ، انتفضّتُ كأنتي نشطّتُ من عِقال.
ولفّني ألف سؤالٍ وسؤال منادياً:
- يا سعيد لِمَ الحزنُ يغازل عينيك، والفرحُ يهرب من أصبعيك، مَنْ أخذ «الدال»مِنْ شفتيك، مَنْ جعلَ في حَرَمِ محرابك، علامة منها اكتويت؟
أخذ المدعو سعيد قلمه، وخطّ بسيرته أَزقّة الرويس، بيتا بيتا، شيخا، وطفلا، يحكي خارج أقواسه حتى إذا ما انتهى، كأنني ما ارتويتْ!
- اكمل أرجوك، ما حكاية هذا المدعو؟
- لا شيء سوى أني حَجَرٌ، صادقتُه رافعاً عَلَمَه، وعلى طريق الورق وحروفه، كالحربي الشجاع من صحراء البادية يرعى غَنَمَه، وترك روحه تكتب، والإبداع يسابق قَلَمَه!
- أتعبتني أيها الشاكي كالمطر، فكيف بقلوبنا التي أصبحت مِنْ حَجَر، أعتذر فأنت حجرٌ من بشر!
لا شيء يا صديقي الإنسان فهذا السعيد نافح بالحداثة فِكْرَاً، ومع الثبيتي سطّر سطراً من الشِعْر قلادة في عنق القصيدة عِطْراً!
- تعب قلبي، فماذا بعد؟
- سأختصر يا سيدي الإنسان:
استلّ تألقه، وغمسه في محبرهِ، وكان هناك «ذباب الوقت» يحوم فوق جروحه، فهشّهُ بِمِسْطَرِه، وآخر الختام تركني وحيداً في حي الرويس أشتاق لهمهمته، حتى عاد إلي، يكتب سيرة المدعو سعيد في «الحياة خارج الأقواس».
أقفلتُ الهلاليين ( ) وتركتُ الأدب والفن يجتمعان في ليلة جداوية، ربما يكرّمُ فيها المدعو سعيد!
سطر وفاصلة
انظرْ لابنتك الصغيرة، تفحّص عينيها، وجهها...
حتماً ستجدُ أن الهَمْسَ يخنقك، والعبارات تكاد تقتلك!
عندها قُمْ واغسلْ همسك، بماء الحرف، واستقبل الكتابة، ولا تقل متى تكبر صغيرتي لا، لا، ولكن قل: هل أحسنت تربيتها؟
** **
- علي الزهراني (السعلي)