انتهت مسابقة التأليف المسرحي التي نظمتها هيئة المسرح والفنون الأدائية بوزارة الثقافة، ووزعت جوائزها على الفائزين بداية العام 2021، دون أن توضح المسابقة كم عدد الكتاب الذين شاركوا، وما نسبة عدد المؤلفين الشباب الى عدد المؤلفين المعروفين، فغالبية الجوائز ذهبت للأسماء المعروفة بالوسط المسرحي، بل إن الجوائز ذهبت الى النصوص ذات الطابع التراجيدي التغريبي المفعمة بالرموز والغموض!! بينما النصوص الاجتماعية الكوميدية لم يكن لها قبول لدى لجنة التحكيم! صحيح أن الهدف من المسابقة والجوائز هو تحسين جودة الحياة الثقافية ومن بينها الحياة المسرحية، وتحفيز المشهد المسرحي وتطوير أدواته وفاعليته بالعموم، لكن لا أعتقد ان هذا الهدف سيتحقق، في ظل فوز أسماء ذات اتجاه وطرح فني واحد، حيث خلت الجوائز من أسماء شابة جديدة، والتأليف إذا كان في إطار مسابقة ذات جوائز ولم يكن له تفعيلة أدائية وحركية، فلن يخرج من كونه حبراً على ورق، لأن المسرح كغيره من الفنون الأخرى هو انعكاس فني ثقافي اجتماعي لواقعه، فإن كان المؤلف بعيداً في كتاباته عن هذا الواقع فلن يشاهد مسرحه أحد، وهذا ما أخشاه على النصوص الفائزة في حال تنفيذها، لأنها كما أسلفت ذات مضامين هلامية ربما لا يفهمها غير كاتبها كالذي يقول: المعنى في بطن الشاعر! وبالعودة لهدف المسابقة الذي يدعو إلى استمرارية إنتاج العروض المسرحية وتجويد المنتج المسرحي وتطوير أدواته واكتشاف مواهبه، فإن هذا الهدف قد يتحقق إذا تم السماح بإنشاء فرق خاصة أو جمعيات مسرحية أهلية، وهذا ما يلوح في الأفق بعد توقف أغلب فروع جمعية الثقافة والفنون عن إنتاج مسرح اجتماعي جماهيري، وسوف يتم السماح للفرق الخاصة بتقديم أعمال مسرحية اجتماعية تناقش موضوعات تهم حياة الناس الاجتماعية بأسلوب الكوميديا الهادفة، بحيث تكون هذه الأعمال المسرحية تخاطب شريحة كبيرة من الناس وليس أعمالاً تراجيدية لا تخاطب إلا فئة قليلة بدعوى أنها نخبوية، كما يلوح في الأفق تكوين لجان من ذوي الاختصاص المسرحي، توكل لهم مهمة الاطلاع ومتابعة وتقييم المنتج الذي تقدمه الفرق الأهلية في مجال المسرح بكافة عناصره، وإيجاد بيئة تنافسية بين الفرق من خلال العروض التي تقدمها، كذلك يلوح في الأفق إنشاء مراكز أو بيوت فنية مسرحية لغرض دعوة الشباب للممارسة التجربة المسرحية في الكتابة والتأليف والتمثيل، ومتى ما حدث هذا عندها نستطيع خلق بيئةمسرحية اجتماعية سليمة بعد جوائز التأليف.
** **
- مشعل الرشيد