عند تصفحي لأحد مواقع إعلانات الوظائف، أثار اهتمامي شرط وظيفي قرأته مرارًا وتكرارًا (مطلوب موظف يحتمل ضغط العمل).
وعند تأملي لتلك العبارة أجدها خاطئة، ولعل مفهومها ليس واضحاً لدى البعض..
إن ضغوط العمل هي مجموعة من التفاعلات بين الفرد وبيئته التي تتسبب في حالة عاطفية أو وجدانية غير سارة كالتوتر والقلق.
وإنتاجية الموظف وجودة أدائه في العمل لا يأتي إلا عندما يتخلص من مصادر الضغط التي على كاهله..
إن النتائج السلبية لضغوط العمل على المؤسسات والشركات كارثية، فهي أولاً ستزيد التكاليف المالية على المنشأة نتيجة ضغوط العمل التي تواجه العاملين، إما بسبب الغياب أو الأعطال المتكررة.
ثانيًا تدني مستوى الجودة، وبالتالي تراجع مستوى الطلب على تلك المنشأة، وسيقل الإنتاج، وعند إذن تدخل المؤسسة في دوامة صراع الأدوار.. من سيبقى ومن سيخرج؟
تتفكك منظومة العاملين إلى أجزاء يحارب بعضهم البعض من أجل البقاء في العمل، وقد يتصور بعض المسؤولين أن هذا الصراع قد يعود بالنفع للمؤسسة ولكنه في الواقع هو استنزاف حقيقي لطاقة الإنسان وهدر للأهداف المرجو الوصول إليها.
يقول بوب تشابمان رئيس مجلس إدارة مؤسسة باري ويليمير للتصنيع: «إن مديرك في العمل أكثر أهمية لسلامتك من طبيب الأسرة».
لقد أوضح تقرير للوكالة الأوروبية للسلامة والصحة في بيئة العمل «بأنه ما يزيد على نصف الأيام التي تغيب فيها الموظفون عن العمل دون عذر مقبول بلغ عددها 550 مليون يوم عمل سنوياً، ولها علاقة بالضغوط النفسية في بيئة العمل، وفي عام 2015 لخصت 300 دراسة أن الممارسات المنهكة والضارة في بيئة العمل لا تقل خطورة عن خطورة التدخين.. وتضمنت الممارسات الخاطئة في بيئة العمل ساعات العمل الطويلة وتعارض العمل مع الحياة العائلية وغياب الأمان الوظيفي أو ساعات العمل غير المنتظمة».
وورد في منتدى دافوس «أن الأمراض المزمنة وغير المعدية أنها تستهلك نحو ثلاثة أو أربعة حجم الإنفاق على الرعاية الصحية، وتتسبب في 63 % من إجمالي الوفيات في العالم».
إن معظم الأمراض المزمنة هي من تبعات الضغط النفسي والقلق والتوتر، وبينت كثير من الدراسات أن المشاكل النفسية الناشئة من بيئة العمل هي أحد اسباب الأزمات الصحية حول العالم.
إن تداول عبارة (مطلوب موظف يحتمل ضغط العمل) ليست منطقية بتاتاً ومضرة على الصعيد النفسي والجسدي للإنسان، ويجب أن يتم تغييرها إلى: مطلوب موظف مُنتج في العمل.
فالإنتاجية وجودة المخرجات هي من أهم الصفات التي يجب أن تتوافر في الموظف، كما أن بيئة العمل قد تكون في كثير من الأحيان مصدر علاج نفسي بدل أن تكون مصدرًا لضغط.. فالتشجيع وتطور الوظيفي والحوار من قبل المسؤولين سيكون له الأثر الجيد والمثمر مع العاملين.
** **
- سديم العمري