د. فهد صالح عبدالله السلطان
في عصر تغيرت فيه كثير من المفاهيم والقيم الاجتماعية، أصبح حب الشهرة - عند فئة من المجتمع - مقدماً على العمل الفعلي والإنجاز والقيمة المضافة وفعل الخير. وإن كان حب الشهرة بحد ذاته لا يتعارض مع المبادئ الإنسانية العامة، إلا أن ماهيته الحالية تحمل كثيراً من السلبيات.
حب الشهرة عرف منذ بداية التاريخ البشري إلا أنه كان يرتكز على شهرة محمودة تستند إلى أعمال جليلة وقيم عظيمة، كتلك التي نالها إبراهيم عليه السلام عندما استجاب له ربه وجعل له لسان صدق في الآخرين أثنى بها عليه كل من تبع ملته.
لم يكن حب الشهرة هدفا في الأزمنة الماضية بل كان نتاجا غير مباشر لأعمال إيجابية وأهداف سامية اجتماعية.
الذي تغير اليوم هو أن الشهرة أصبحت هي الهدف الأساس بصرف النظر عن ممكناتها وعواملها ومسبباتها.
لقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على تحقيق الهدف، ليس فقط بأرخص ثمن وأقل جهد بل بأسوأ طرح وأقبح فعل. يشتهر هذا لطعنه في رموز دينه وتاريخه، وتشتهر تلك لأنها تتحدى وتستهجن قيم مجتمعها السليمة ومبادئ دينها العظيمة. لست بحاجة لتبدع في معمل أو تكون جراحا ماهرا وتنجح في انجاز عملية جراحية معقدة لكي تحقق هدف الشهرة. يكفي للمرء أن يسير عكس التيار الاجتماعي في أي من أبعاده المحمودة أو أن يستبيح أحد قيم مجتمعه أو مبادئ دينه لكي ينال نصيبه من الشهرة.
وربما تتسابق إليه وإلى كسب وده كثير من المراكز التجارية وتشتري شهرته القبيحة في تسويق بضاعتها الرديئة. أن تشتهر فتاة فقط لأنها تقف أمام احد المراكز التجارية وتتحدى قيم مجتمعها بارتداء لباس غير لائق وتدخن علناً وسط مجتمع محافظ ويجل الاستقامة، فهذا تغير سلبي غير محمود في المفهوم وفي المنهج، ولا يمكن وصفه بأي حال بأنه مظهر حضاري أو مؤشر إيجابي للحرية الشخصية. فالشهرة لم تعد للرواد والمتميزين في المجتمعات فقط بل أصبحت للمفسدين والسفهاء. لم يشتهر أحد مثل شهرة خواكين جوزمان، والمعروف بـ» أل تشابو» أشهر مروج مخدرات في العصر الحديث، وبئس الشهرة.
نعم، هو عصر تقدم فيه المهرج على الحكيم والمفكر، وراج في بعض جوانبه تسويق المفاسد على حساب الفضيلة، وادعى فيه الهابط من بعض الفنانين بأنه يحمل رسالة، وبئس الرسالة.
هذه هي المشكلة، أما الحل فيكمن في الوقوف مع النفس والاعتراف بالتحدي ومواجهة المشكلة بكل شجاعة ومراجعة المفهوم قبل الحديث عن المنهج. وهذا يحتاج الى دراسة لما يجري على أرض الواقع. دراسة يتبناها المتخصصون في علم الاجتماع. أملاً في المحافظة على صلابة هذا المجتمع العظيم وتعزيز مقوماته. وإبراز أهل القدوة فيه.
وللتذكير فقط فإن من أهم ما تميز به هذا المجتمع وكان عاملا هاما في صلابته وتماسكه - في مرحلة اهتزت فيها كثيرا من المجتمعات- هو حبه للاستقامة وكراهيته للمفسدة وتأصيله للقيم النبيلة في ظل قيادة تؤكد على أهمية ذلك وتبذل كل الجهود التي تؤصل هذه القيم وتلك المفاهيم السليمة.
والله من وراء القصد.