علي الخزيم
من بداية مداخل مكة المكرمة للقادم من مطار جدة (مطار الملك عبد العزيز الدولي) للبيت الحرام معتمراً تلمس الحرص على تطبيق الأنظمة والإجراءات الاحترازية ضد جائحة كورونا؛ نقاط تطبيق الأنظمة الأمنية تمارس مهامها بانضباطية وحزم يقترن بالابتسامات تعلو الوجوه وبكلمات الترحيب اللطيفة بضيوف الرحمن، ولاسيما توقيرهم لكبار السن، وبمنطقة الفنادق حول بيت الله الحرام نقاط أمنية ليست للتفتيش بل يتَّضح لك منذ الوهلة الأولى أنهم لخدمتك وتوجيهك وإرشادك لأفضل وأقرب الطرق للفندق الذي تقصده بمهنية عالية وروح طيبة، وإن حَدَّثك أحدهم بأنه عومل بجفاف فابحث عن الأسباب من جانبه؛ فرجال الأمن وفرق الخدمات الأخرى التابعة للجهات الرسمية يُنفِّذون التوجيهات والخطط التنظيمية الخدمية برحابة صدر قُصوى، مع صرامة بالتطبيق قد يفهمها البعض بصورة مغايرة.
الحديث عن الخدمات بالحرم المكي الشريف لن يكون وافياً بمثل هذا الاختصار، لكن كلمة حق أقولها بأن الحال يَسرُّ خاطر كل مسلم؛ إنه عمل منظم منضبط مذهل بكل مستويات وتنوع الخدمات وبكل الأوقات، فقط اتبع التعليمات والتوجيهات من المختصين والمرشدين وستكون بكامل الراحة والهدوء والاطمئنان والروحانية وأنت تؤدي مناسك العمرة. مياه زمزم تقدم بمواقع محددة لمن يريدها نهاراً (كان هذا خلال العشر الأواخر من رمضان المبارك) وعند الإفطار مساءً يتسابق الموزعون نحوك بالوجبة الصحية ومياه زمزم المُغلَّفة؛ لن تترك مكانك فهم بخدمتك، ومظلات تقيك حر الشمس ظهراً بالمطاف يستقبلك بها المرشدون عند المداخل. وماذا أُحدِّث عن أعمال النظافة وتعقيم الأرضيات والممرات والغسل اليومي للفرش والسجاجيد على مدار الساعة، إنه لأمر يفوق الوصف ويعجز اللسان عن التعبير عنه. جهود مشكورة تُفصح عن مدى اهتمام خام الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
بين الفنادق هناك شبه محطات لنقل المعتمرين الراغبين إلى الحرم بواسطة عربات مختلفة الأحجام بدون مقابل مادي، ومثلها لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وداخل الحرم وأروقته عشرات المرشدين والمنظمين الشباب، ومن المختصين بالإسعافات الأولية، جاهزون لمباشرة أية حالة طارئة لمعتمر أو مصلٍّ (وملاحظة مهمة حول بعض المرشدين والمُنظِّمين بالمطاف ممن يتحدثون بأمور لا تليق بالزمان والمكان ويتبادلون النكات بصوت مرتفع بين المعتمرين الذين دخلوا بأجواء الروحانية والخشوع)! ولم يكن باستطاعتي الإحاطة بمجمل الخدمات الجليلة والتجهيزات بالبنية التحتية والمشروعات التطويرية بالحرم وما حوله خدمة لضيوف الرحمن؛ فبالتأكيد إن خدمات ومشروعات كبيرة مساندة لا يراها المعتمر ولا يمكن رصدها بمجرد دخول الحرم الشريف وخدماتها تصل للجميع بشكل غير مباشر، وغني عن القول إن ضخامة وتنوع وشمولية الخدمات الكبيرة لضيوف الرحمن التي تنفذها حكومة المملكة العربية السعودية بتوجيه من القيادة الحكيمة حتى وإن شاهدتها وتأملتها عن قرب فلن يكون بالإمكان التدوين والتنويه عنها بسطور قليلة، فدعوات صادقة بأن يحمي الله سبحانه الحرمين الشريفين والمقدسات الإسلامية من كل شر، وان يُمد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وحكومتهما الرشيدة بمزيد من العون والتوفيق لخدمة دينه ومقدساته، وأن يَحمِي -جَلّ شأنه- بلاد العرب والمسلمين على مر العصور.