رجاء العتيبي
رحم الله عبد الخالق الغانم، كان أول من قدم صورة بصرية جميلة على الشاشة، قدمها مع انطلاقة «طاش ما طاش»، وشاهدنا بكاميرته كادراً تلفزيونياً لم يكن مسبوقاً في الدراما المحلية، لذلك استحق الريادة في جماليات الشاشة السعودية.
فتح الباب على مصراعيه للمبدعين، وقال هذا طريق الجمال، ومن أراد أن يتفوق فله ذلك، يفعل هذا، لأنه يتمتع بأخلاق عالية، فكل المبدعين أصدقاؤه، فليس ثمة مبدع وإلا وله معه حكاية جميلة لا تنسى.
أبو وفي - رحمه الله - إنسان لطيف، قبل أن يكون أي شخص آخر، وفنان تلبسه الفن، لهذا كان فقده خسارة، ومصيبة، وألم، فقدنا الإنسان وفقدنا الفنان في آن واحد.
لا أحد يتخيل المكان من دونه، ولا الحياة من دون ابتسامته الصافية، يتحدث مع الجميع، وللجميع، فحياته اللحظة التي كان يعيشها مع من حوله، ولا نتخيل الدراما بدونه، فريق العمل إخوانه وأبناؤه، والبروفة سعادته، وحسه الراقي انطبع على كل إنتاجه، لا تتعب في تمييز ذلك من بين أعمال كثيرة. أما وفاته، فهي اللحظة التي دوت ألماً، ودموعاً، وتعازياً حارة، لأنه صديق الجميع، وتأثيره واسع.
مثل عبدالخالق الغانم ـ رحمه الله ـ لا ينسى، مهما غادر حياتنا؛ له حياة ثرية باقية بعد مماته، مثله لا يطويه النسيان، سيظل اسمه بيننا، وذكرياته صامدة في أذهاننا، في كل زوايا المكان له بصمة وحكاية وجمال، أما أرشيفه الفني في مجال الإخراج فسيبقى منعطفاً مرحلياً تدرسه الأجيال في كليات الفنون الجميلة، وأبحاث الأكاديميين، مثلما ندرس عظماء الفنون، وعظماء المؤثرين.
أعرفه جيداً، التقيت به، حادثته، تبادلت النكات معه، والنقد والفن والنظريات، ومن يفعل معه هذا قل أو كثر، لا ينساه. ويبقى أملنا أن تجود الحياة بمثله، فمثل هؤلاء البشر نريد منهم الكثير، هم سعادة الكون، وأمل الحياة، وهم النقطة الفاصلة التي تؤمن بأن الحياة بها خير كثير.
إلى جنة الخلد أبا وفي. وداعاً.