جاءني الصباحُ فرِحًا..
يرسمُ لوحةً جديدةً لِلحياة..
طارَ معهُ الحمامُ..
* * *
يبلُغني هديله عبر النوافذ المشرعة..
وأنا ما زلت..
أحلمُ به في المنام..
* * *
لِأصحوَ قبلَ الصباحِ..
كي يطيرَ الحمامُ..
ويحطُ الحمامُ..
ومن هوَ مِثلي..
يتابِعُ سيرَ الحمام..
على الجدارِ الحاجبِ..
لِشعاعِ الشمسِ عني..
وعن جريانِ الماءِ..
المتدفقِ..
من عيونٍ لا تعرفُ..
التوقفَ عن الصَحوِ..
* * *
يَزدحمُ بها الرَّصيف..
عندَ الصباحِ..
وعندَ المساء..
تتهامسُ..
في السِّرِ عن طرقِ سيرِ الحمام..
في الهواء..
وكيفَ يطيرُ الحمامُ..
حيثُ يشاءُ..
* * *
فيطلقُ الحارسُ الليليُ..
عليهِ..
رصاصتهُ الأخيرةَ في الهواءِ..
فيسمو الحمامُ ويعلو..
في السماء..
ليغفوَ الحارسُ..
غفوَته الأخيرةَ..
في غيابِ الحَمام..
* * *
هل يفهمُ..
هذا الحارسُ لغةَ الحمامِ..
لماذا..
كان يحطُ الحمام في المساءِ..
ويبدأ..
هديلهُ مع خيوطِ الفَجر..
ماذا كان يقولُ..
هديلُ الحمامِ..
لهذا الحارسِ المخمورِ..
خلفَ الجِدارِ..
* * *
وأنا أيضًا..
أنتظرُ الصباحَ..
كما ينتظرهُ الحمامُ..
كي أطيرُ..
كما يطيرُ الحمامُ..
وأحلِّقُ..
في سمائِي..
ما بين الجدارِ والجِدار..
وما فوقَ الجِدار..
* * *
أيها الصباحُ اليَومِيُ..
صباحٌ لكَ..
مِمَن غابوا عن هذا الصباح..
المُحملِ بأَشعةِ الشَمس..
المُضخمِ برائحةِ التراب..
صباحٌ لكَ في كلِ صباحٍ..
يطيرُ فيهِ الحَمامُ..
يَعبرُ الأسوارَ..
يتفقدُ أشجارَ السَروِ..
وعندما يحطُ الحمامُ..
فوقَ الأرضِ..
فوق الجدارِ..
فوق أشجار الدار..
على نوافِذِ بيتيَ المهجور..
على الجانبِ الآخرِ..
من هذا الجِدار..
باتَ بيتاً لِلحمام..
صباحُ الصباحِ لَكَ..
كما مساءُ المَساء..
وأنا لا أتقنُ الطيرَ..
لكني أفهمُ لغةَ الأرضِ..
وتطابقها..
مع تفاصيلِ لغةِ الجَسد..!
* * *
يطيرُ الحمامُ..
يحطُ الحمامُ..
عندَ المساء..
يراقبُ الليلَ..
حتى ينبلج الصُبحُ..
يغادرُ ليلهُ الطويلُ..
يطيرُ الحمامُ فرِحا..
كما يفرحُ النحلُ..
برحيقِ الأزهار..!