عبده الأسمري
امتهن فصل «المراحل» بثقافة «مهنية»، واعتاد تفصيل «المراجل» برشاقة «ذاتية»، فعاش بين فصول «التأثير» مخلفاً المآثر في تخصصه كإداري، وخاصيته كقيادي، وخواصه كريادي.. مفصلاً «رداء» فضفاضاً من «الأثر» مطرزاً بالتمكن ومعززاً بالتمكين.
عاشق للتأسيس، ومتيم بالابتكار، ومفتون بالانتشار.. أحب الرياضة فكانت «همه»، وعشق «الريادة» فظلت «همته»، وكان «فاعل» خير لكل فعل مبني على «الإنسانية» وضميراً متصلاً لكل معاني «الوطنية» وخبراً لكل جملة اسمية مبتدؤها «العصامية».
إنه الشيخ فيصل الشهيل - رحمه الله - أحد أبرز رجالات الدولة وقيادات الوطن ورموز الأندية الرياضية في الوطن.
بوجه رزين عريض «الوجنتين»، وملامح باسمة تشع منها الألفة، وينبع فيها التآلف، وتقاسيم ودودة تعكس أصول عائلته العريقة، وعينين واسعتين تنبعان بالرحمة، ومحيا أنيق يعتمر الأزياء الوطنية المرسومة على «شخصية» أنيقة تتقاطر منها سمات «الثقة» وتتوارد فيها صفات «المروءة» وتعلو وسطها ومضات «الشهامة».. وصوت محفوف بلغة بيضاء تملؤها عبارات «التوجيه» وتميزها اعتبارات «الوجاهة «بمفردات «فصيحة» وانفرادات «حصيفة».. قضى الشهيل من عمره عقوداً وهو يميز خطوات «البدايات» وقعاً، ويملأ صفحات «النهايات» توقيعاً في متون «الأعمال الحكومية» وشؤون «الكيانات الرياضية» كصاحب رأي وقائد مرحلة ومؤسس كيان ورائد مهمة.
في الطائف المأنوس وُلد وانطلقت بشائر الفرح في ليلة صيفية ابتهاجاً بقدومه في منزل الأسرة «الوجيهة»، وتفتحت عينا الشهيل على أب «وجيه» كان أميراً للمحافظة حينها ومحبوباً من أسرته ومقرباً من حكومته حيث ملأ قلبه بنصائح «الأبوة» ولوائح «التربية»، وأم كريمة سليلة جود وأصيلة عطاء غمرت وجدانه بدعوات «الليل» وبركات «النهار»، وتعتقت روحه صغيراً بنفحات الورد الطائفي، وتشربت نفسه نفائس الرمان والتين في مزارع الهدا ونسائم الزهور والنفل في جبال الشفا فنشأ بين أحضان «العناية» وأمان «الرعاية» مخطوفاً إلى الطبيعة «البكر» ومنجذباً إلى «التطبع» الباكر الذي صقل شخصيته وبلور وجهته التي كانت بوصلتها «التفوق» وقبلتها «التميز» فارتسمت في ذاكرته مواسم «الاهتمام» وهو يرى والده ليلاً متأبطاً معاملات المواطنين لدراستها مع مساعديه ويشاهد أقرانه وهم يعلنون مراسم التحدي معه على طاولات الدراسة فكبر وفي يمناه «إشارة» الانتصار وفي يسراه «تلويحة» الاعتبار ليمضي مشمولاً بأصالة «التنشئة» باحثاً هو عن «ضالة» التهيئة التي وجدها في عزائم «الصغر» وموجبات «الكبر» فكان «حكيم» قومه و»نديم» قامته.. مؤصلاً في مسيرته «نهج» اللطف مؤسسًا في سيرته «منهج» اللين وموظفاً في أعماله «مبدأ» التعاون منتجاً في أفعاله «منطلق» اليقين..
بين الاغتراب والانتخاب والتكريم والتقييم والإقدام والتقدم أنهى الشهيل دراسته الابتدائية في السعودية ثم أكمل المتوسطة في بغداد ثم الثانوية في لبنان، والتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت ونال منها بكالوريوس الاقتصاد، ثم طار إلى أمريكا وعاد للوطن ومعه شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، وانفرد في كل مراحله بأنه من أوائل الدارسين في الخارج والمؤسسين في الداخل.
تولى الشهيل منصب أول مدير عام للموانئ في المملكة وتم تعيينه وكيلاً لوزارة المواصلات ورئيسًا عامًا للسكك الحديدية بمرتبة «نائب وزير»، وقضى فيها عشرين عامًا حتى تقاعده، وعمل محاضرًا في جامعة الملك سعود.. ومثل المملكة في مؤتمرات خارجية ورأى المجلس الاستشاري للسكك في العالم تعيينه نائباً لرئيس المنظمة البحرية العالمية ونائباً لرئيس الهيئة الاستشارية البحرية وعضو مجلس إدارة الأكاديمية العربية للنقل البحري منذ تأسيسها..
أسس جريدة «الرياضي» وكان من المؤسسين لصحيفة الجزيرة، وعمل فيها كأول نائب لمدير عام الجزيرة الأسبوعية، وساهم في تأسيس أول مطابع لها وعمل مسؤولاً للتحرير ومديراً عاماً فيها وعضواً في مجلس إداراتها، واختير عضواً في مجلس إدارة دار اليوم للإعلام وأشرف على التحرير في صحيفة اليوم، وكان من ضمن مؤسسي مؤسسة عسير للصحافة والنشر، وأصدر صحيفة (الرياضي) اليومية.
وكان للشهيل إمضاءات متعددة وإضاءات متجددة في الجانب الرياضي من خلال التخطيط والتنفيذ، وتولى في دروبها مناصب عدة حيث تم تعيينه نائباً لرئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ونائباً لرئيس الاتحاد السعودي لسلاح المبارزة وترأس مجلس إدارة نادي الهلال من عام 1390 - 1395 ورأس إدارة نادي النهضة ونال منصب الرئيس الفخري لعدة أندية وله عدة عضويات رياضية مختلفة، وأسهم بشكل لافت وملموس وجلي في تطوير أعمال الأندية التي تولى إدارتها والقطاعات التي استلم مهامها بفكره المديد ورأيه السديد مما أوجد له «شعبية» جارفة في أوساط «الرياضيين» و»نخبوية» حافلة في آراء «المحايدين».
رحل الشهيل في 8 شوال 1442 الموافق 20 مايو 2021، ثم ووري جثمانه مقبرة «الدمام» المدينة التي استقر بها بعد رحلة من الأمجاد قضاها بين محطات عديدة في العلم والعمل كان فيها «رمزاً» للسخاء و»عزاً» للوفاء.. ونعاه رموز «الرياضة» ووجوه «المجتمع»، وأبرزت خبر وفاته الصحف السعودية والخليجية التي طالما ملأها بالمشاركة والمباركة، وأضاءها بسعة الإبداع وسعة الاطلاع.
فيصل الشهيل.. الرجل النبيل والوجه الأصيل والريادي الجميل الذي صنع النجاحات ووقع الإنجازات وأبقى العطاءات في قامة «خبير» وقيمة «قائد» وقامة «إنسان»..