سلطان بن محمد المالك
السفير هو الموظف الدبلوماسي الأعلى الذي يترأس سفارة لتمثيل بلاده في الخارج، وعادة يوفد السفير للحكومات أو الأقاليم المستقلة الأجنبية أو المنظمات الدولية ليمثل حكومة بلاده.
وفي الأغلب توجد قواعد ثابتة ومحددة لمهام السفراء عند توليهم لعملهم ومن أهمها التمثيل الدبلوماسي للدولة في الخارج وحضور المناسبات والفعاليات الرسمية ممثلا لبلده وإيصال الرسائل الدبلوماسية وكتابة تقارير متنوعة ترسل لمرجعه عن الدولة التي هو سفيرا لها. ولكن السفراء الناجحون والمميزون هم أولئك الذين لا تكتفي مهامهم فقط على ما ذكر أعلاه بل تتجاوز ذلك إلى تطوير العلاقات على كافة الأصعدة والحفاظ على مصلحة الدولة. وهذا يتطلب مواهب خاصة في الوعي الثقافي والتواصل الاجتماعي، مما يجعل السفير دائماً محل ثقة واطمئنان من كلا الطرفين.
يقول ونستون تشرتشل في تعريفه الشهير «لا توجد صداقات دائمة، وإنما توجد مصالح دائمة» والسفير المتمكن هو من يأخذ هذه المقولة محمل الجد ويعمل على تحقيق المصالح الدائمة لوطنه وليس فقط الصداقات والتي لا تدوم دوماً بينما المصالح هي التي تدوم.
مع التقدم التكنولوجي وازدياد استخدام وسائل الشبكات الاجتماعية استطاع عدد من السفراء حول العالم استثمارها بما يخدم عملهم ويعطيهم ظهوراً قوياً ولافتاً داخل البلد الذي عين فيها وخارجه.
وأصبحت حساباتهم في الشبكات الاجتماعية مصدراً مهماً لإيصال الرسائل التي يرغبون في إيصالها لشعوب الدول التي يعملون بها.
لدينا أمثلة رائعة جداً لسفراء كانوا علامة بارزة في تمثيل المملكة في الخارج بما يخدم مصلحة الدولة ولم يكتف دورهم على الحضور الدبلوماسي فقط مما اكسبهم ثقة الدول التي عملوا بها ولعلي أذكر على سبيل المثال وليس الحصر سفيرنا في الولايات المتحدة الأمريكية سابقا صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان ومعالي الدكتور غازي القصيبي سفيرنا في المملكة المتحدة وغيرهم كثير.
وفي المملكة برز عدد من السفراء الأجانب الذين استطاعوا أن يمثلوا أوطانهم خير تمثيل واندمجوا مع المجتمع السعودي في كافة مناشطه، فكان السفير البريطاني سابقا يكتب مقالاً أسبوعياً في صحيفة الرياض، والسفير الصيني السابق كان بارعا في إتقان اللغة العربية وحاضراً في كل المناسبات، والذي لفت انتباهي مؤخراً السفير الفرنسي الجديد لوديفيك بوي الذي لم يكمل سوى بضعة أشهر في عمله إلا أن حضوره القوي على المستوى الرسمي كان وما زال محط إعجاب وتقدير، فأتصور أنه زار معظم مناطق المملكة ولا يكاد تفوته أي مناسبة أو فعالية إلا ويوجد بها، تجده مسافراً في القطار ويرسل من خلال حسابه في تويتر رسالة ويقول إلى «الشعب السعودي العظيم» أنا حالياً في القطار متجه من الرياض إلى القصيم ممتدحا الخدمة، وتجده في الملعب يحضر مباراة، وتجده مادحا للخدمات الصحية بعد تلقيه رعاية صحية نتيجة إصابته بكورونا وتعافيه وحصوله على اللقاح، حتى إنه أصبح مرشداً سياحياً للسياحة في المملكة.
وما يقوم به هو التطبيق الفعلي للدبلوماسية العامة والقوة الناعمة لوطنه.
ما يقوم به السفير الفرنسي والياباني وغيرهما من السفراء النشطين هو الأسلوب الناجع لمهام ودور السفراء المطلوب في تمثيل الدول وأحد أهم السبل لنقل الصورة الإيجابية عن أوطانهم والحفاظ على مصالحها وليس فقط صداقاتها.