إنه وقت الشاي،
وقت إدلاء الشمس في الأباريق،
والحُمرة التي تسلب اللب في السماء والأكواب تقول كلمتها الأخيرة: عند الإشارة ستكون الخامسة عصراً فتهيؤوا؛
عالم من العمالقة طويلو السيقان يتجولون في المدينة،
في المقاهي.. تصل الأقدام أولاً لحجز المقاعد،
وفي الحديقة.. تمسك القبعات بأفنان الشجر،
وظلال الأوراق تهتز مع الريح..
صانعة فستان الدانتيل على الفتاة الصغيرة.
الخامسة عصرًا
في جزيرة (سانتوريني)
عاشقان على السطح يلتحفان السماء،
القبلة شمس، وجه السماء ووجه الحبيبة أحمران من قلب ودم.
الخامسة عصرًا
في رحلة العائلة للشاطئ؛ تجهز الأم قرص الزبدة،
والشمس طبقهم الساخن على طاولة الغروب،
والضحك يرفرف حين يدور الأطفال ممسكين بأيدي بعضهم فتتفتح في الظل وعلى الرمال؛ أوراق زهرة اللوتس..
تطرأ على البحر فكرة حزينة
أين هرب ظلي!؟
ترد أمه الحنون من أعماق دفينة
يا صغيري.. الواسع جداً!!
أنت عميق بما يكفي لتبتلع ظلك وظلامك،
وما الشمس إلا مرآة تعكس وجهك،
فانظر ماذا ترى؟
الخامسة عصرًا
تنهار المدينة تحت سطوة ساق طويلة لرجل أعرج
يبحث عن الكنز..
رجل متعاظم له ظل طويل ونفس قصير،
يزداد تجبراً في الخامسة، ويتقلص كالأقزام بعدها.
في بيتنا
وعند الخامسة عصرًا.. تهاتف البنت والدها زهاء نصف ساعة،
بحزن زهرة عباد الشمس تغلق السماعة دونما انتهاء..
تعلم يقيناً في قلبها أنه لم يبق الكثير من الوقت معه.
فالخامسة عصرًا هي مراسم إعلان الرحيل،
للشمس، ولوالدها.
على الرصيف أربعة أشخاص،
رجلان وظلاهما مرّا في طريق معاكس
اقتربا من بعضيهما،
مثل تحية باليد تشابكت الظلال وثماني سيقان معاً،
حينها عاد الرجل الأول للبيت بساقي الرجل الغريب،
وأما الآخر فقد بقيّ ظلاً بلا روح ولا جسد.
الليل إذن هو ظلال المدينة مجتمعة بعد الخامسة !
** **
أثير الدعباس - طبيبة وكاتبة