خالد بن حمد المالك
تصرف أرعن، وسلوك مشين، ولغة وقحة، وكلام يعف عن قوله اللسان النظيف، وحماقة جاهل فشل الرئيس ورئيس الوزراء المكلف، وكل من أراد أن يداويها، فلا بيان الرئيس اللبناني عون من قصر (بعبدا) استدل على ما ينقذ شربل وهبة من سقطته الجديدة، ولا تصريح رئيس الوزراء المكلف حسان دياب من (السرايا) توصل إلى لغة تنقذ وزير خارجيته من تورطه، وبحسب متابعتي فلا رئيس الدولة ولا رئيس الوزراء أنكرا وأدانا هذا التصرف الأحمق، والاتهامات الباطلة، ولا شربل نفسه -في محاولاته لإنقاذ نفسه- نجح في إقناع المتابعين بأنه لم يكن يقصد ما فُهم على نطاق واسع عن عنصريته ووقاحته، وتطاوله على المملكة ودول الخليج.
* *
هذا لبنان - ساعدته المملكة بأكثر من سبعين مليار دولار في الفترة من 1990م وحتى 2015م وتؤوي أكثر من ثلاثمائة ألف من اللبنانيين للعمل فيها- قدره أن يديره مجموعة من الفاسدين والمتآمرين على لبنان، ما جعل هذا البلد الصغير، وهذا الشعب المغلوب على أمره، تحت معدل الفقر، بل إن الدولة اللبنانية تعد الآن دولة فاشلة، وشعبها مسحوق، ومستقبلها غامض؛ لأنها تدار ويتحكم بالقرار فيها من لا تهمهم مصلحة لبنان.
* *
يقول الرئيس اللبناني عن بذاءات وزير خارجية لبنان بحق المملكة ودول الخليج، إن ما قاله لا يعبر عن موقف الدولة اللبنانية ورئيسها ميشال عون، وإن ردود الفعل لحديث شربل هدفت إلى إساءة العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج، من خلال ما صدر من تداعيات لمواقف سياسية، إضافة إلى الحملة الإعلامية المبرمجة، رغم التوضيح - يقول عون - الذي صدر من الوزير المعني بأنه لم يسم دول الخليج في معرض كلامه، أي أن هذا البيان الرئاسي اللبناني لا ينكر على وزير خارجية لبنان قوله بتمويل تنظيم داعش من قبل المملكة ودول الخليج، وإن لم يسمها، كما لا ينكر عليه عنصريته بنعت سكان المملكة ودول الخليج بـ(البدو)، مع أن هذا شرف لا ندعيه، فهو أصلنا وفصلنا حيث ولدنا ونشأنا في أقدس بقاع الأرض.
* *
لاحظوا أن هذا الرئيس (المحنط) لا يرى أن وزير خارجيته يعبر عن سياسات لبنان، وأن كلامه إنما يعبر عنه بصفته الشخصية، أي لا فرق لدى الرئيس بين أي مواطن أو مسؤول بدرجة وزير في الحكومة اللبنانية، فإن شاء الرئيس عون اعتبر هذا (الشربل) مواطناً وما يقوله حالة شخصية، وإن أراد اعتباره مسؤولاً قيادياً يعبر عن سياسات لبنان، وكل هذا للهروب من إدانة الوزير شربل وهبة على ما قاله من اتهامات لأشقاء كانوا وما زالوا يدعمون لبنان منذ الأزل وإلى اليوم، بما لا يمكن إنكاره.
* *
أما رئيس الوزراء حسان دياب، فاكتفى بالقول عن تميز العلاقات التي تجمع لبنان بالمملكة ودول الخليج، ولم ينكر هو الآخر على عضو في وزارته هذا التصرف الأحمق، ولم يأخذ بقرار شجاع يعاقب هذا الوزير المتجني على دول شقيقة، وأقلها إقالته من الوزارة، لأن من يتصرف هكذا لا يصلح أن يكون صوت لبنان، ودبلوماسية الدولة في الخارج، لكن دياب واقع بين إرضاء الرئيس واسترضاء حزب الله لإمهاله مكلفاً برئاسة وزارة فاشلة استقالت تحت ضغط الشارع، وجُردت من أي قيمة بعد أن سلمت أمرها لما يمليه الرئيس عون، وقبلت بأن تكون تحت وصاية حزب الله.
* *
وإذا قلنا إن بيانات الرئيس عون، ورئيس الوزراء دياب، وتفسير شربل وهبة لما قاله، غير مقبولة، ومرفوضة بالكامل، وإنها بلا قيمة في حساباتنا، فقد كنا نتمنى أن تكون مواقف المملكة ودول الخليج المنددة بهذا الأسلوب الفج في تعامل لبنان معها، أقوى من استدعاء السفراء اللبنانيين، وإصدار بيانات ضد التصريحات المسيئة، واستنكارها لما تفوَّه به شربل من كلام مشين، فما زال لبنان - ولا أعمم- يعض على اليد المعطاءة التي أكرمته، وأنقذته في مواقف كثيرة أمنية واقتصادية وسياسية، وتحملت منه الكثير من التآمر والأذى والإساءات، وخاصة من حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله، ومن الإعلام اللبناني المشبوه، وبالتالي فمن الضروري أن يعاد النظر في علاقات المملكة ودول الخليج مع لبنان، بما يحفظ أمن واستقرار دولنا، ولا يتم التطاول مستقبلاً على حكامنا ودولنا وشعوبنا بتصريحات مسيئة.
* *
وبذلك فلا خيار أقل من أن يعتذر رئيس لبنان ميشال عون ورئيس الحكومة بالتكليف حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية شربل وهبة عن كل ما صدر عن الأخير، كونه وزير الخارجية، ومن غير المقبول أن يكون ما تحدث به عن دعم دولنا لداعش ثم وصفنا بهذه العنصرية البغيضة بصفته الشخصية، وأن ما قاله يعبر عن رأيه الشخصي، دون إنكار ذلك من قبل الرئاسات الثلاث، رغم أن لبنان سوف يتضرر من هذا التصرف المسيء لدولنا، إن لم يسارعوا بالاعتذار.