م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- من المفهوم أن يفر القادرون من المجتمع السعودي من لهيب أشهر الصيف في رحلة اصطياف تكسر حدة نارها الحارقة.. لكن ليس من المفهوم أن يكون هذا الهروب الكبير في أوقات يكون فيها الجو معتدلاً ممطرًا ممتعًا! ما الذي يدفع الناس للفرار من البلاد في كل فرصة سانحة؟
2- من الواضح أن الدافع للسفر في كل إجازة متاحة ليس فقط الهروب من حر الصيف اللاهب بل هناك دوافع أخرى.. بعضها بتأثير ذاتي وبعضها الآخر بتأثير خارجي.. مع «رؤية المملكة 2030» فإن التأثير الخارجي قد ضاقت مساحته كثيرًا فهل سيفيد ذلك السياحة الداخلية.. أم إن الدافع الذاتي أكبر كثيرًا من أن يؤثر فيه دافع خارجي؟
3- سياحة السعوديين قائمة على الشراء والتسوق.. ولا يلامون على ذلك.. فهذا المجتمع لم يتعلم بعد كيف يسيح.. لذلك هو في أحسن الأحوال يصطاف.. أي يفر من الحر اللاهب في الصيف ويكتفي بذلك الفرار.. من هنا فالدول ذات الجو الغائم الممطر هي المفضلة لديهم.. وإذا وصلوها فليس أمامهم ما يعرفونه سوى التسوق.. مدعومين بقوتهم الشرائية.
4- السعوديون والخليجيون - باستثناء سكان عسير وصلالة - يسيحون في العالم هربًا من الحر أولاً وثانيًا.. لكن استطاع القائمون على دبي أن يحولوا تلك الحقيقة الثابتة (أي الهروب من الحر) إلى حقيقة متغيرة.. فأصبحت دبي مدينة سياحية جاذبة على مدار العام.. وصار الشتاء فيها متعة مضافة.
5- كلنا نسافر طلبًا للمتعة أو الاستكشاف أو الاسترخاء.. فالإجازة ثلاثون يومًا تزيد أو تنقص قليلاً.. سوف نقضيها بالطول أو بالعرض أو بهما معًا.. سواء كان الواحد منا وحيدًا أو مع عائلته أو أصدقائه.. بعضنا يعود من السفر منهكًا وهناك من يعود مشبعًا وآخرون يعودون وقد أصابهم الملل.
6- السفر رفقة سواء مع الأهل أو الأصدقاء.. وقد يتيح لك الفرصة لخلق الرفقة مع الغرباء إن كنت وحيدًا.. فهو يمنحك فرصة أكبر لمعرفة فردية سواء كان لأفراد العائلة أو الأصدقاء.. فالسفر يمنح كلاً منا رؤية أعمق وأكبر للآخر مهما طالت صحبتنا لبعضنا في حياتنا العامة.. إذ نتعرف على بعضنا البعض من زوايا مختلفة.. فخصالنا في السفر غيرها في الحياة اليومية.. وما نواجهه في السفر غير ما نتعرض له في العمل أو في البيت.. فالسفر يكشف تلك الخصال الأخرى.. وهذا يقرب ذلك الرفيق أو يبعده.