عبرت المحيطات باحثاً عن كنزي المفقود!
جبت الأراضي الشاسعات حاملاً قنديل الأمل بالحصول عليه.
عندما وصلت في يوم ممطر إلى واحة خضراء اكتست بزهور البذور الدفينة أسرعت بالخطأ إلى شجرة كبيرة ذات أوراق وأغصان متشابكة.
أخذت سويعات تحت تلك الشجرة غلبني بهن النعاس وأخذت غفوة رأيت بها فتاة حسناء ذات حسب ونسب وقد دنت مني قائلةً. أيها الغريب عمّ أنت باحث عنه؟
وما الذي أتى بك إلى هنا الست خائفاً؟!
ابتسمت من كلام تلك الفتاة ووقفت احتراماً وذهولاً لجمالها، أخبرتها ببحثي عن ذلك الكنز، فعرضت علي المساعدة بشرط لا بد أن أفي به وهو أن تقاسمني ما سوف أحصل عليه.
ذهبنا للبحث دون خارطة للطريق سوى بعض من الدلالات والرموز.
ومنها أن ذلك الكنز يرتفع عن الأرض محمولاً بين ذرات الهواء لا يستطيع أي منا أن يحصل عليه إلا أن يدفع بنفسه إلى ذلك الارتفاع.
أخذت تلك الفتاة في التجمل أمام عيني بأجمل الحلل والكلمات وتارة ترتفع وتحملني معها، وتارة تهبط بي، وكان هناك تذبذبٌ قوي بين نزول وصعود.
وأخذنا وقتاً من الزمن على هذه الحال.
إلى أن ظهرت وتجردت من حللها وبانت لي على رؤية غريبة المضمون مرهقةَ الظاهر شاحبة الجلد متعبة النظرة.
وكأنها تريد أن تبين لي أن لا جدوى من البحث خلف كنزك المفقود فقد ترى في عيني اليأس من وجوده.
أطلقت هنا قدمي في الفلاة بعيداً عن كل المؤثرات، حيث لا يوجد سواي أنا وذرات الهواء وسماع خفق أجنحة طيور البراري، هنا استمعت لسكوني الداخلي الذي دلني على ذلك الكنز وأخبرني به وطريقه.
ترددت تلك الذرات حولي وانساق فكري معها، وظهر لي ما كنت غافلاً عنه دنياي وإن تجملت فهي كزهرة الشباب والجمال ذاهبة ذات يوم لا محالة، وكلما ارتفع تفكرنا بدنيانا كلما اعتلينا للحصول على كنز علوم الوجود وتهذيب النفس على حسنات الأعمال، وترك السيئات منها، فكلما حل الليل مهيمناً على نبضات الفؤاد وتسلل بخيوط داكنة السواد، نادى الفكر بصوت سكونه في أنحاء البلاد.. هل من عامل للحظات المعاد، فيا نفس كفي عن غرائز الشهوات واذهبي هرولةً إلى جزائل الحسنات، فدنياك زائلةٌ لا محالة عقب دهر أو زمان من السنوات.