سهوب بغدادي
تزامناً مع انتهاء شهر رمضان ودخول العيد - جعلنا الله من المقبولين - تتهافت الهدايا والعطايا من الأهل والأحباب والأقارب بشتى الأنواع والأشكال، إذ يحرك الشهر الفضيل في الإنسان حب العطاء والخير للغير، ومع فرحة العيد السعيد نعمد إلى غمر المقربين من صغار وكبار بما يدخل على قلوبهم السرور. وذلك أمر جميل، والأجمل منه أن يستمر العطاء على مدار العام، انطلاقاً من تعاليم ديننا الحنيف وتحقيقاً للترابط الأقوى بين الفرد والمجتمع. كل ما سبق بديهي، إلا أن العطاء بحساب أو سجل يشرخ معناه السامي، فبعض الأشخاص يبذلون في أوجه أو أشخاص محددين أو بعدد ما بغرض رد عطية سابقة لشخص ما، وذلك من ضمن عادات وأعراف البعض، حيث تغلف العطية بغلاف الإهداء وتبطن ببروتوكولات واعتبارات قد تكون ممتدة من أوقات سابقة، ففلان قدم مبلغاً ما في زواج فلان فيجب على فلان أن ينتظر زواج فلان السابق ليهديه، وفلانة رُزقت بمولود فقامت فلانة بإهدائها فتقوم بتقييم الهدية من حيث السعر ومن ثم تقدم للأولى هدية بسعر مقارب لما تلقته، أو في حالات غريبة أن نشهد مناسبة ولا نعطي - ماديًا ومعنويًا - بسبب عدم وجود المقابل مستقبلاً أم عدم ثبوت تلقيه من الشخص المطلوب في وقت سابق، فلا نعطي لأن «ليس بيننا وبين الشخص أو الأسرة وفا»، وتطلق كلمة (وفا) على العطية في الثقافة الحجازية، ولها مرادفات في الثقافات الأخرى بالتأكيد، لكن الإشكالية تكمن في سياسة تسجيل العطايا وتقييمها لتخرج من كونها سمة إنسانية إلى مجاملة ونظام وحدة بوحدة، فلِمَ لا نعطي بغرض العطاء؟ ألن نكون أكثر سعادة ورضا؟
«نعطي لنحيا ونحيا لنعطي»