بعض العادات المغاربية التي تتزامن مع شهر رمضان وتحديداً أيامه الأخيرة تعد نموذجاً طيباً للعلاقة الزوجية، خاصة والروابط الأسرية على وجه العموم، فعلى غرار «الشرمولة» التي هي من الزبيب والسمك المملح عرفت بها المناطق الساحلية في خواتم رمضان المعظم كتهيئة صحية للجسد لما بعد شهر الصيام نجد طقسا اجتماعياً آخر بدأ ينتشر بكثافة لما فيه من نسج علاقة نبيلة بين أفراد الأسرة، حيث ملخصها أنه بعد تعب ربة البيت خلال شهر رمضان المعظم ومن ساعدها في مؤسسة المطبخ تكافأ من الأسرة. وفي الغالب من الزوج بهدية لا تقل قيمة عن قطعة حلي، إما خاتم أو قرط أو غير ذلك حسب إمكانات الزوج وأحيانا إذا كانت الوضعية المادية صعبة نوعا ما يشترك الأبناء في جمع مبلغ مكافأة الأم والمهم في الأمر أن المرأة لا تعلم نوع الهدية.
قد يراه الإنسان للوهلة الأولى أمرا عاديا، لكن في الحقيقة الأمر جد مهم في النسيج العلاقاتي للأسرة الواحدة، إذ إنه من ناحية اعتراف من كل أفراد البيت للأم بجهودها ومن ناحية أخرى المرأة التي ترى في جهودها واجباتها مسألة ينظر إليها بعين الاعتبار والتقدير ترفع معنوياتها وتجعلها تتفنن فيما لذ وطاب من تشكيلات في الطبخ كإلقاء سلام يستوجب ردا بأحسن منه أو رده ومرجعنا هنا إفشاء التحية.
العلاقات الأسرية التي تبنى على قيم فيها احترام الجهود والدفء العائلي تعطي نفسا آخر لشهر رمضان حتى أن بعض ربات البيوت يؤرخن لكل رمضان بهديته، فكما أن الأطفال لهم عيدهم بعد هذا الشهر، فإن لربة البيت هديتها التي تحاول دائما التكهن بهويتها. فيما يتفنن الجميع في الإخفاء حتى لا تعدم المفاجأة التي تعد الفرحة بها كقيمة وتقدير أكثر حتى من قيمتها المادية، إنه مجتمع المشاعر الذي يحيي فيه شهر رمضان المعظم أرقى تفاصيلها.
وحتى في لحظات الضغط الأسري الذي يفهم عادة من المسؤوليات التي على عاتق الأم خلال الشهر الكريم فإن تلك الهدية «حق الملح» تكون كافية لإذابة الجليد بين الطرفين.
المرأة هذا الكائن الراقي الذي وصفه الرسول بالقوارير ودعانا إلى اللطف في التعامل معه هي معنى الحياة الأسرية وجوهرها الحقيقي وهي شريكة الرجل في المجتمع والبناء والتأسيس لهذا حق الملح أراه طقسا طريفا على كل النساء المطالبة به وعلى كل الرجال التفكير فيه لأن ابتسامة المرأة الصادقة حديقة تنعم بأريج ورودها كل العائلة.