يوشك شهر رمضان المبارك على الرحيل، فلم تعد سوى سويعات معدودة وتبدأ تكبيرات العيد وصلاته، ويعقبها زيارات وتهان متبادلة بين الجميع، ويبدأ عداد رمضان القادم في العد بتناقص الساعات، لتزداد اللهفة على رمضان جديد، وعيد جديد، وتهان جديدة، وكأننا أمام مشهد واحد لا يتغير سوى بتغير المشاهدين إما مغادرين وإلى ربهم راجعين، أو جدد مولودين أو الحلم بالغين، ويبقى السؤال المهم: ماذا قدمنا لرمضان؟ وماذا قدم لنا؟
لقد كان رمضان العام الماضي غريبا عنا، فلم تكن هناك حياة اجتماعية، بل لم تكن هناك حياة فعلية ليس في ديارنا فقط، ولكنها شملت العالم كله بسبب المدعو كوفيد 19 وذريته المتحورة كأننا نشاهد فيلماً من أفلام الزومبي. وخلال هذه الفترة، اقتصرت الحياة على الوجود في المنزل محجورين ومأجورين بإذن الله. وفي عامنا هذا عادت الحياة إلى شبه طبيعتها فأتى رمضان علينا – وكنا متلهفين عليه – لنقدم له كل الخير والتعاضد كمسلمين.
أما ما قدمه لنا رمضان، فأولا أعادنا إلى مساجدنا لنصلي صلاة افتقدناها وخشينا ألا نقيمها مرة ثانية بسبب نفس ظروف العام الماضي. أعادنا رمضان إلى مصاحف هُجرت، وكتب نسيت، وركعات خفت، أعادنا إلى الله، إلى كثير من النعم التي افتقدنها، إلى التجمع الأسري حول المائدة، إلى التذكير بالصلوات، والدعوات، والقراءات، إلى التراحم بين الغني والفقير، والمساعدة بين القوي والضعيف، أعادنا رمضان إلى إنسانيتنا التي فطرنا عليها.