د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
عمدت الدولة إلى تنفيذ خطوات إصلاحية لاحتواء عجز الميزانية التي كانت تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط المتذبذبة، والاعتماد على إيرادات دخل وحيد، بمثابة خلل هيكلي أرادت الدولة تصحيحه لتنويع إيرادات الدولة.
الخطوة الأولى التي اتخذتها الدولة لتقليص عجز الميزانية ريثما تحقق رؤية المملكة 2030 مستهدفاتها اتجهت نحو زيادة الضريبة المضافة إلى 15 % وإلغاء بدل غلاء المعيشة، ورفع حصيلة الضرائب على السلع والخدمات.
اتجهت الدولة نحو بناء موارد مالية متعددة المصادر بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وبالفعل حققت الإصلاحات الاقتصادية برفع إيرادات الدولة غير النفطية بنسبة 78.7 % من 186 مليار ريال إلى 332.4 مليار ريال منذ 2016 بزيادة سنوية بلغت 22 % وإذا ما واصلت الدولة هذه الإصلاحات فستحقق هدفها بزيادة إيرادات الدولة غير النفطية بقيمة 1 تريليون ريال في 2030 كما في مستهدفات الرؤية.
وبات من الضروري إصلاح الهيكل الصناعي للدولة التي يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي 2.8 تريليون ريال في 2019 والتي تمثل فيها الصناعات المرتبطة بالنفط 43 % والتي تود الدولة كما في لقاء الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في لقائه ذكر أن السعودية تنوي تصنيع 3 ملايين برميل نفط مرتفعاً من 80 ألف برميل.
ارتفعت إيرادات الميزانية السعودية خلال الربع الأول من 2021 7 % لتبلغ 204.76 مليار ريال مقابل 192.07 مليار ريال في الفترة نفسها من العام الماضي، وجاء ارتفاع الإيرادات إلى ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 39 % لتبلغ 88.18 مليار ريال مقابل 63.3 مليار ريال، فيما تراجعت الإيرادات النفطية بنسبة 9 % لتبلغ 116.57 مليار ريال مقابل 128.77 مليار ريال للفترة نفسها من العام الماضي نتيجة خفض السعودية إنتاجها نتيجة التزامها باتفاق خفض الإنتاج ضمن تحالف أوبك + الهادف إلى استعادة استقرار أسواق النفط.
كما تراجعت المصروفات في الميزانية 6 % إلى 212.2 مليار ريال مقابل 226.17 مليار ريال، نتج عن ذلك تراجع العجز في ميزانية الربع الأول من 2021 نحو 78 % ليبلغ 7.4 مليار ريال مقابل 34.1 مليار ريال نتيجة ارتفاع إيرادات الدولة بوتيرة أعلى من تراجع المصروفات من أجل تحقيق الاستقرار المالي والاستدامة المالية في ظل ما تشهده من تراجع في أسعار النفط والإيرادات المتحققة لتمويل الإنفاق من خلال المراجعة المستمرة ودراسة الخيارات المتاحة لتحقيق التوازن المالي، حيث تمكن برنامج كفاءة الإنفاق في القطاع المالي من توفير أكثر من 400 مليار ريال خلال أربعة أعوام، وتعتبر من منجزات رؤية 2030.
لكنها أبقت على الدعم الصحي لمواجهة جائحة تفشي كورنا وبرامج منظومة الإعانات الاجتماعية، بعدما سعت الدولة نحو تعزيز كفاءة الإنفاق وتوجيهه إلى دعم القطاعات ذات الأولوية والأكثر تضررًا من أجل دعم وتقوية القطاع الخاص الذي تضرر بسبب الجائحة.
للعام السابع على التوالي تتحدى الدولة تراجع أسعار النفط بتقدير إنفاق حكومي ضخم، حيث قدرت الدولة إيرادات في 2021 بنحو 849 مليار ريال أعلى من إيرادات 2020 بنحو 1.9 % البالغة 833 مليار ريال، فيما قدر العجز بنحو 141 مليار ريال أقل من 24.6 % بنحو 46 مليار ريال عما كان مقدرًا في 2020 البالغ 187 مليار ريال ليبلغ إجمالي الدين 901.4 مليار ريال وهو يمثل 34 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثاني أقل دول العشرين في نسبة الدين إلى الناتج لكن ترتكز الدولة على أموال سيادية فقط أصول صندوق الاستثمارات العامة نحو 1.5 تريليون ريال وسيتم رفعها إلى نحو 2 تريليون ريال، بخلاف الأموال المستثمرة في الخارج، فالسعودية تمتلك نمور سعودية بأنياب اقتصادية.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة