خالد بن حمد المالك
تتحدث أمريكا عن أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، أي أنها لا تمانع من استمرار جرائم إسرائيل، التي تقتل المدنيين الأبرياء بهدم المنازل على رؤوسهم، دون أن يتحرك ساكن لديها أمام المجازر المرعوبة التي تقترفها وتقرها حكومة نتنياهو.
* *
ومن جانبها لا تكتفي المستشارة النمساوية بالتأييد المطلق لما يفعله العدوان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، بل إنها تصدر أمرها برفع العلم الإسرائيلي على مباني المستشارية من باب إظهار التضامن مع إسرائيل في عدوانها أمام ما أسمته الصواريخ الإرهابية الفلسطينية التي تتساقط داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
* *
ولا تريد ألمانيا أن تغيب هي الأخرى عن المشهد دون أن تدلي بصوتها الداعم لإسرائيل وحقها في مواجهة ما تقول إنه إرهاب فلسطيني يعتمد على الصواريخ التي تطلقها حماس والجهاد لاستهداف المدن الإسرائيلية.
* *
وهكذا هو المشهد المؤذي، والتصرف غير العاقل، يصدر من دول بعضها لم تجد حرجاً في الكشف عن نفاقها ودعمها ومساندتها للإرهاب الإسرائيلي، وأخرى التزمت الصمت، وكأن ما صرح به البعض من الدول يسقط عن البعض الآخر، دون أن يتخلى -هذا البعض الآخر- عن مشاعر الامتنان على ما يجري.
* *
أمريكا -وضمن دعمها لعدوان إسرائيل- تؤجل عقد اجتماع مجلس الأمن لبحث ما يجري من أعمال وحشية ضد الفلسطينيين من الجمعة إلى اليوم، لتعطي فرصة أكبر وزمناً أطول لتمعن إسرائيل في تهديم المنازل وقتل الأبرياء، مع أن هذا الاجتماع -إن عقد- فالفيتو الأمريكي جاهز للاستخدام إذا مسّ إسرائيل بما يغضبها.
* *
على أنه من المعلوم أن إسرائيل تمارس أعمالها الإرهابية دون أن تعبأ بالقرارات الدولية، فهي على علم ويقين بأنها محمية، ولن ينالها أي سوء من هذا الرفض لأي قرار دولي يدينها، لثقتها بحماية أمريكا ودول الغرب دون استثناء لكل تصرف يصدر منها.
* *
نحن لسنا مع حماس ولا مع الجهاد، وضد من يوافق التنظيمين في سياستهما، وتحديداً تركيا وإيران وقطر، لأنهما من ينصرفان خارج المفاهمات التي ينبغي أن تكون مع السلطة الشرعية الفلسطينية، ويرفضان التعاون معها، وهما أيضاً مَن مزّقا الوحدة الوطنية، وأوجدا شرخاً كبيراً فيها، فأضعفا بذلك القدرة على مواجهة إسرائيل وأي أمل قريب لاستعادة الأراضي المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
* *
وربما سائل يسأل، وهذه الصواريخ التي تطلق على دفعات وبالمئات على مدن إسرائيلية، ألا تكفي لإظهار القوة لدى الفلسطينيين، وقدرتهم على تحرير أراضيهم، وأجيب عن ذلك بأن تأثير هذه الصواريخ جد محدود، وقارنوها بما فعله العدو برًا وبحرًا وجوًا بغزة، قارنوها بعدد الشهداء والمصابين وحجم الدمار.
* *
وكنت أتمنى لو أن إيران التي تدعي مساندتها لحماس والجهاد حركت قواتها في سوريا لفتح جبهة مع إسرائيل، وأمرت حزبها -حزب الله- في لبنان بفتح جبهة أخرى من لبنان لتخفيف حدة العدوان الإسرائيلي المركز على غزة، لكنها لم تفعل، فطهران شريك في المؤامرة الدولية على فلسطين.
* *
ستسألون أيضاً عن تركيا -وما أدراك ما تركيا- ودورها في تعضيد المقاتلين الفلسطينيين، فأقول لكم إن مساندتها ومساهمتها في الحرب لم تتعدَّ كلام رئيسها أردوغان بأنه لن يغض النظر عن العدوان الإسرائيلي، وماذا بعد؟ لا شيء سيفعله أكثر من هذا الكلام!
* *
هنا في الداخل الفلسطيني، قتلى وجرحى وسجون مفتوحة لكل من يشارك بمظاهرة من الفلسطينيين، أو يرفع صوته للمطالبة بحقوقه، سواء في القدس أو في أي مدينة داخل الخط الأخضر أو خارجه، وإسرائيل أمام كل هذا لا تتحدث عن دولتين، ولا عن القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، ولا عن عودة اللاجئين، إنها تتحدث فقط عن السلام مقابل السلام، لا عن الأرض مقابل السلام، والعالم في مقابل ذلك يتلاعب بعقليات الفلسطينيين بإعطائهم الوعود الكاذبة، إن وعدوهم بشيء ويا قلب احزن!!