سلمان بن محمد العُمري
كل ما يقدره الله تعالى ففيه خير، سواء علمه البشر أم جهلوه، ولا يقدر الله تعالى شرّاً محضاً، حتى هذا الوباء النازل بالناس فيه منافع كثيرة:
ومن منافعه معرفة نعمة الله تعالى على العباد بحرية التنقل حيث شاءوا، ومتى أرادوا، وهي نعمة عظيمة غفل كثير من الناس عنها. فلما لزموا البيوت، وضرب عليهم حظر التجول سابقاً ومنع السفر؛ لئلا يتفشى الوباء في الناس؛ أدركوا قيمة هذه النعمة العظيمة التي كانوا يرتعون فيها ويقصرون في شكرها وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (إبراهيم: 34).
وعما قريب سيعاد فتح خطوط السفر والإذن بذلك لعدد من الدول غير الموبوءة، إلا أن الحذر من السفر يظل واجباً لغير ذي حاجة فما زال هذا الوباء يعاود الكرة بعد الكرة، بل وينشط في مناطق ويتجدد في مناطق أخرى دون سابق إنذار، وأغلب الدول والتي كنا معتادين نسافر لها ممنوع السفر لها، وبعض الدول إذا دخلتها فيلزم المسافر الحجر أقل شيء أسبوع، لذا فهناك من عدلو، وغيروا رأيهم عن السفر، وكانوا ينتظرون الإذن والسماح ويتهيؤون ويترقبون ذلك.
ومن فوائد هذا البلاء أيضاً أنه جعلنا نتعرف على ذواتنا وعلى بلادنا التي كنا نجهل عنها الكثير رغم ما فيها من محاسن وجمال وأمن وارف، فهذا الوطن الذي شرفه الله بأن يكون محضن الحرمين ومهبط الوحي ومنطلق الرسالة وقبلة المسلمين ومنسك الحج والعمرة ومهد العروبة إن لم يكن مهد الإنسان، يتمتع بخصائص دينية واقتصادية وجغرافية تستجذب مئات الملايين من البشر في مقدمتهم المسلمين، ولربما كانت مداخيل السياحة فيما لو نظمت مصدراً من مصادر الدخل الوفير لبلادنا شريطة توافر الخدمات وتيسيرها قبل وأثناء السفر في المجالات كافة.
وللأسف إن الكثير يجهل معالم بلاده وخصائصها وبالذات الأجيال الجديدة الذي غالبيتهم لا يعرفون مناطق المملكة العربية السعودية، ولا تاريخ الوطن ومعالمه، ويعرفون كل صغيرة وكبيرة في البلدان الأوربية والآسيوية، والمضحك المبكي حينما يقول أحد الإعلاميين: القصيم كم تبعد عن الرس!؟! فماذا ننتظر من الآخرين؟.
ومما يميز السياحة الآمنة لدينا قبل وبعد هذا البلاء الاحترازات التي عملتها المملكة مع المواطنين والمقيمين في ظروف الجائحة فقد كانت وما زالت مضرب مثل عالمي، لعلها فرصة أن نعيد اكتشاف بلادنا ونتعرف على مناحيها وجبالها ونرى سهولها وجبالها وواحاتها، ويتبقى دور إمارات المناطق والجهات الأخرى كالسياحة والتجارة للحد من الاستغلال وتيسير السبل لكافة شرائح المجتمع.
ولمن لا يزالون على عزمهم للسفر للخارج فأقول: إن أخشى ما أخشاه أن يعيدنا فتح السفر إلى المربع الأول في نقل الأمراض والأوبئة، لاسيما أن المملكة وفرت من فضل الله معظم ما يحتاجه الناس في مقاومة هذا الوباء..!! فألزموا دياركم تسلموا وتغنموا.