حكم قذف الميت:
قذفُ المسلم محرمٌ ولو كان ميتًا.
ويقام حد القذف على من قذف ميتًا بطلب الورثة.
وذلك للأسباب التالية:
1 - جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً: (كسر عظم الميت ككسره حياً). رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم، ورواه ابن ماجة من حديث أم سلمة: (في الإثم).
فالإسلام يحفظ حق المسلم حياً وميتاً.
2 - عموم قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .
والقاعدة: ما ثبت للمرأة ثبت للرجل، وما ثبت للرجل ثبت للمرأة إلا ما دل الدليل على تخصيصه.
ورمي المحصن يشمل الحي والميت.
3 - أن الحق يكون للميت عند قذفه إذا كان عفيفاً في حال الحياة، ولما تعذر معرفة حقه كان لورثته، ولكن هل الحق يتوزع عليهم حسب إرثهم -كما في يمين القسامة-، أم لا يجلد القاذف إلا إذا طالب كل الورثة بإقامة الحد، يحتمل هذا ويحتمل هذا، أما إذا طالب جميع ورثة المقذوف فلا إشكال في إقامة الحد، وإذا طالب بعضهم فالذي يظهر أن الحد في القذف حق للمخلوق، فإذا تعدد أصحابه انقسم بحسب إرثهم، قياساً على القسامة في قسمة اليمين عليهم -على خلاف في دخول النساء في اليمين فيها- وقياساً على العبد المبعض، يكون الحد عليه بحسب ما فيه من الرق والحرية.
4 - ولأن اللوم يلحق الورثة في قذف ميتهم، فكان لهم حق المطالبة من عدمها.
وذلك أن حقوق المخلوقين في الحدود لا تعطى لهم إلا بطلبهم، ومن ترك حقه من المخلوقين تُرك.
والله تعالى أعلم.
** **
د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة