شهد الراوي روائية وشاعرة عراقية من طراز فريد، تكتب الشعر بالفصحى والعامية، ولها العديد من المنشورات في الكثير من الصحف العربية والمواقع الإلكترونية. شاركت في العديد من المهرجانات الشعرية والنشاطات المدنية في الإمارات العربية المتحدة.
وُلدت الراوي في بغداد في الأول من فبراير 1986 من أبوين عراقيَّين. وتعود أصولها لمدينة راوه الواقعة في محافظة الأنبار غرب العراق. أكملت دراستها الثانوية في بغداد، ثم غادرت العراق إلى سوريا بعد عام 2003، ثم أكملت دراستها الجامعية في جامعة دمشق، وحصلت منها على شهادة البكالوريوس من كلية الإدارة والاقتصاد (بإدارة الأعمال)، ثم نالت بعدها درجة الماجستير في إدارة الموارد البشرية في الجامعة نفسه، وهي مقيمة حاليًا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
تعرضت الراوي لحملة قاسية من أحد المغرضين الذي عثر على تعليق قديم يعود إلى عام 2011 بعد تداول تغريدة قديمة لها، مجدت فيها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مما دفعها إلى اعتزال مواقع التواصل الاجتماعي، وغلق حساباتها على منصات «تويتر وفيسبوك».
كما تعرضت إلى انتقادات من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بزعمهم أن رواية «ساعة بغداد» لا ترقى إلى الاحتفاء الذي نالته. ويتجدد الجدل بشأن الرواية مع كل إعلان عن حصد الرواية جائزة مهرجان ادنبرة الدولي للكتاب 2018 للروائية صاحبة الـ32 عامًا حينها عندما تنافست مع 49 روائية وروائيًّا من حول العالم بتصويت القراء والزوار في المهرجان.
«ساعة بغداد» التي صدرت عام 2016م هي العمل الأدبي الأول لشهد الراوي، وقد ترجم إلى الإنجليزية، وتصدرت قوائم الأفضل مبيعًا في العراق والإمارات العربية المتحدة.
كما دخلت «ساعة بغداد» ضمن القائمة القصيرة للنسخة العربية من جائزة «بوكر» العالمية لعام 2018م.
أصدرت الكاتبة روايتها الأولى والمكونة من 227 صفحة من القطع الوسط، التي تدور أحداثها في منطقة راقية من أحياء بغداد في عقد التسعينيات من القرن الماضي.
وترويها طفلة تجد نفسها مع عائلتها في ملجأ محصن ضد الغارات الجوية الأمريكية. ومن هذا المكان يخرج عالم المدينة وتفاصيل حياتها المثيرة، أغانيها وموسيقاها وطموحات أبنائها ومصائرهم المختلفة بأسلوب سرد يتطور كلما تقدمنا في الزمن، لينتهي بترك الحديث للمستقبل الذي يتبادل الدور مع الراوية، ليضعا أمامنا كل ما فاتنا معرفته في الماضي، وكل ما سيحدث في القادم من الأيام.
فقد كتبت الرواية ببنية غير تقليدية على حد وصف أحد النقاد، وبجرأة سردية عالية، تجاوزت فيها الكاتبة منطق تعاقب الأحداث، كما أنها استطاعت أن تنفذ من الأحلام والذكريات والأوهام إلى الواقع، وبالعكس؛ لتروي قصة جيل وُلد في حرب، وعاش في حصار، وهاجر في أعقاب حرب أخرى.
تتحدث شهد في روايتها أيضًا عن أبناء جيلها ومدينتها بغداد التي غادرتها ولم تغادر قلبها، وسردت فيها الطفولة والمراهقة والشباب والأمنيات، وحاولت - على حد الوصف المطروح - أن تحميها من النسيان، وتمنعها من الضياع. إنها (الرواية النظيفة) كما يروق لها تسميتها؛ لأنها لا تتعمد أي إثارة خارج منطق الأحداث التي صنعها الواقع والحلم والذكرى والوهم، بعد الحد من دور العقل والمنطق في رسم النهايات الطبيعية المتوقعة؛ فهناك نهايات مفتوحة وأسئلة لم تتم الإجابة عنها، وهكذا هي الحياة بمجملها.
أما من الناحية الفنية فإنها تدين بشكل كبير ليس لكبار الروائيين العالميين الذين قرأت بعض أعمالهم، وإنما للروائيات الشابات اللاتي بدأن باحتلال أماكنهن في الرواية ما بعد الحداثية، خاصة في أمريكا وكندا وأستراليا والمملكة المتحدة، اللاتي استطعن أن يصبحن من روائيات عصر السوشيال ميديا، من أمثال (إيما كلاين) و(جوجو مويس) و(هيلين ديني) وسواهن؛ إذ أضحت الرواية معهن عالمًا من التدفق الشعوري العميق الذي لا يتردد في قبول الأوهام والأحلام كجزء حقيقي من الواقع المعيشي، ولا مشكلة لديهن في أن يتدخل السحر في تغيير اتجاه الحدث، وإعادة صياغته دون التضحية بهذا الواقع.
شهد الراوي كاتبة معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتجذب إليها آلاف القراء من الذين يتفاعلون مع كتاباتها وأسلوبها المميز، الذي اقترحته لنفسها بعيدًا عن ضغط الأشكال التقليدية الشائعة. وتتوافر روايتها في أهم المكتبات العراقية والعربية وموقع أمازون.
** **
- صبار عابر العنزي
Sabbar2013@hotmail.com