واس - الرياض:
أدى المسلمون في مكة المكرمة أمس صلاة عيد الفطر المبارك في المسجد الحرام يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز وعدد من أصحاب السمو الأمراء وسط أجواء روحانية وإيمانية.
وأم المصلين معالي المستشار بالديوان الملكي إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، حيث حمد الله تعالى وأوصى المسلمين بتقوى الله، عز وجل.
وقال فضيلته اعلم - يا عبد الله - أن ما كتب الله لك هو خير لك مما تمنيت، فلا تسمح لجهالة ساعة أن تمسح صداقة سنين، فالتغافل من شيم الكرام، واعلم أن النقد - كما يقول شيخ الإسلام - داء ينسي حسنات الناس، ويذكر مثالبهم، المبتلى بالنقد يدع مواضع الصحة والسلامة، ويقع على مواضع الجرح والأذى، وهذا من رداءة النفوس، وفساد المزاج، وليكن لك - يا عبدالله – خبيئة صالحة، لا تطلع عليها الأعين لتمدحها، ولا تسمعها الأذان لتثني عليها خبيئة لله، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا الخبيئة الصالحة: صلوات تصليها، صدقات تخفيها، أذكار ترددها، آيات تتلوها، ودموع تنثرها، كرب تفرجها، يتيم تكفله، وبئر تحفره، أعمال تكتمها، لا القريب يعرفها، ولا آلات التصوير ترصدها، ويوم القيامة تبلى السرائر.
وأردف إمام وخطيب المسجد الحرام يقول أيها المسلمون: أديتم فرضكم، وأطعتم ربكم، وصمتم شهركم، تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام، وصالح الأعمال، وعيدكم مبارك، افرحوا بفطركم كما فرحتم بصيامكم، جعل الله سعيكم مشكورا، وذنبكم مغفورا، وزادكم في عيدكم فرحة وحبورا، وبهجة وسروراً، وعجل الله رفع هذا البلاء، ودفع عنا الوباء.
وأكد فضيلة الشيخ ابن حميد أنه من حق أهل الإسلام يوم عيدهم أن يسمعوا حديثاً مبهجاً وكلاماً مؤنساً إذا كان ذلك كذلك فالحديث عن الترويح في هذه الأيام السعيدة هو حديث المناسبة، ومن منح الترويح فقد منح السماحة والابتسامة، والنفس الجادة الناجحة تحتاج إلى الراحة والابتهاج، راحة تجمها، وترويح يروحها، وفسحة تريحها، ترويح لا يحول بينها، وبين العزيمة والإنتاج.
وقال فضيلته معاشر الإخوة: ومن أجل هذا كله فقد جاءت شريعة الإسلام على وجه الكمال، والاعتدال، والوسطية، والتوازن، كمال وتوازن تطيب معه الحياه، وتسعد به البشرية، وتستقر به النفوس، دين يراعي الفطرة البشرية التي أودعها الله في النفس الإنسانية، دين يتعامل مع طبيعة الانسان وواقعه، وميوله، ودوافعه.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن شمولية هذا الدين تبرز بتشريعاته لجميع جوانب حياة الإنسان الجسمية، والروحية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية، فيأخذ البدن نصيبه من الاستجمام والراحة، وتأخذ الروح حقها في الترويح والمرح، ليتقوى الروح والبدن على القيام بحق العبودية الشاملة.
وأبان أن الإسلام يراعي الفطرة الإنسانية، ويلبي الاحتياجات النفسية والبدنية، بتوازن واعتدال وحين شاهد النبي صلى الله عليه وسلم الأحباش يلعبون قال: لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، وأني أرسلت بحنيفية سمحة. رواه أحمد. ليس في الإسلام رهبانية مبتدعة تثقل بآصارها، وليس فيه لهو وفراغ ينسي النفوس الغاية من خلقها، ولكن فيه الموازنة بين مسؤولية النفس وحقوقها، ومتطلبات الدنيا والآخرة. وواصل الشيخ ابن حميد يقول معاشر الأحبة: وأهل العلم يعدون المزاح والترويح هديا نبوية، ومقصدا شرعيا، فهو داخل في مقصد التحسينات ومقصد التحسينات عند أهل العلم: هو الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات، ويجمع ذلك كله مكارم الأخلاق، مؤكدا أن العيد مناسبة كريمة لتصافي القلوب، ومصالحة النفوس، مناسبة لغسل أدران الحقد والحسد، وإزالة أسباب العداوة والبغضاء، إدخال السرور شيء هين، تسر أخاك بكلمة أو ابتسامة أو ما تيسر من عطاء أو هدية، تسره بإجابة دعوة أو زيارة. أين هذا ممن قل نصيبه، ممن هو كثير الثياب قليل الثواب، كاسي البدن عاري القلب، ممتلئ الجيب خالي الصحيفة، مذكور في الأرض مهجور في السماء - عياذا بالله - فافرحوا وادخلوا الفرح على كل من حولكم، فالفرح أعلى أنواع نعيم القلب ولذته وبهجته.