د.بكري معتوق عساس
بفضل من الله استتب الأمن في طرق الحج بعد توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، والتي كانت قبلها تعاني من مخاطر قطاع الطرق، استخدم الحجيج قديماً وعبر العصور وسائل نقل عدة للتنقل بين مدن الحج مثل الإبل والأحصنة والحمير، وأحياناً مشياً على الأقدام، وهو ما جعل الرحلة شاقة تفتقر للكثير من مقومات الأمان والراحة في الإقامة والخدمات، خاصةً أن الطرق كانت في الماضي غير مألوفة ومحفوفة بالمخاطر. ومع مرور الأيام والأزمان تطورت وسائل النقل وظهرت وسائل نقل يستخدمها الحجاج مثل «اللوري أبو هندل» وهي مركبة بدائية.
في عام 1372 من الهجرة وجه الملك عبدالعزيز باعتماد نظام نقابة السيارات تتكفل بنقل الحجاج إيذاناً بدخول الحافلات وإنشاء شركات تتولى نقل الحجيج بين مدن الحج الثلاث، فتأسست مجموعة من الشركات منها، الكعكي (التوفيق) وخميس نصار وباخشب باشا (النصر) والمغربي والشركة العربية.
واجهت هذه الشركات عند تأسيسها مشكلة عدم توفر السائقين السعوديين ومع مرور الوقت تقدم الكثير من أبناء مكة للانخراط في هذه الخدمة الشريفة.
لا يزال في الذاكرة بعض الأسماء التي أطلقها أبناء مكة تندراً على بعض حافلات الحجاج التي يقودونها في موسم الحج:
1- «الزيتوني»، 2- «أبو عيون جريئة»، 3- «شاهي وحليب»، 4- «الحنش»، 5- «الديمونتي»، 6- «القطمة»، 6- «عنتر».
وكان أبناء مكة من السائقين يتفاخرون عند إعادة الحافلة بعد انتهاء موسم الحج بدون أية حوادث فعندها تقوم الشركة بصرف مكافأةً للسائق. وأذكر قديماً ونحن في مقتبل العمر كان السائقون من أبناء حي المسفلة يتجمعون في مقهى الوالد -رحمه الله- في شارع إبراهيم الخليل من مناطق متفرقة من الحارة فمن دحلة الرشد: كان محمود يماني الشهير بـ(الأزرق) وشقيقه عقيل الشهير بـ(قعطبة) ومحمد الهندي الشهير بـ(القسّام) لأن والده كان مسؤولاً عن قسامات المياه، وعم شحات الشهير بـ(هيامه) ولاعب الوحدة الشهير إسماعيل حبشي وأحمد سادة الملقب بـ(رب الحديد) لتميزه في القيادة ومعرفته بالميكانيكا وأحمد حذيفة، وصديق الشهير بـ(الهابق) وعم علي الشهير بـ(فرملة) ومن شارع الهجرة: إسماعيل طاهر لاعب فريق الشباب وقتها وعم عبدالقادر الشهير بـ(شيخ البدو) وعم مكاوي الشهير بـ(نص الحارة) وموسي الشهير بـ(الكَيِّيف)، وسليمان الشهير بـ(عزيزة) وعم خليل الشهير بـ(الجربكس)، ومن الكنكارية: هاشم الشريف الملقب بـ(البطريق) وعبدالمحسن الشريف وأبو شيخه (ملك الطارة) وصالح الحاج وشنيف الحربي.
لم تستمر هذه الشركات طويلاً فخرج البعض منها وتم دمج الآخر، ولم نعد نشاهد ذلك العدد من السعوديين الذين كانوا يشاركون في شرف نقل الحجاج قديماً. والآن بفضل الله ثم بدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين يتنقل الحجاج بين مدن الحج بوسائل نقل حديثة ومريحة وسريعة.