عطية محمد عطية عقيلان
من العادات المتوارثة عند الضيافة بالقهوة العربية «هز الفنجال» للدلالة على الاكتفاء وعدم صب القهوة مرة أخرى، وسببها كما يقال جاءت من أن شيوخ العرب كانوا يستعينون في قهوجية صُمٌ حتى لا يسمعوا ما يدور من حديث بين الجالسين، واستمرت هذه الحركة للتعبير عن الاكتفاء من القهوة رغم أن الهدف لوجودها تلاشى فلم يعد القهوجي أو المضيف يعاني من الصمم، إلا أن هذه العادة يمكن أن نسقطها على كلامنا وأفعالنا بالاستفادة من هذه الطريقة والتعبير بـ «هز الفنجال» للاكتفاء من الحديث أو ردّات الفعل ونرغب في توقف استمراره، ولنتذكر أن نمارسها في مختلف المواقف ومنها:
- هز فنجالك عند قيادتك سيارتك، والتعرض لمضايقات وأخطاء مرورية من الآخرين وتتذكر أنه لا بد من التحمل لهذا السلوك حتى لا يتطور الى ضرر نفسي وسلوكي قد تنتهي بمشكلة لا تحمد عقباها ولا ينفع معها الندم.
- هز فنجالك عند النميمة والغيبة للآخرين، ولنتذكر أن هذا الحديث لن ينتهي بل سيمارس بمزيد من التهويل والمبالغة، ومن ثم الضغينة والكُره والحقد بلا طائل سوى ضرر في العلاقات والصحة.
- هز فنجالك عند كل ربح أو خسارة مادية سواء في التجارة أو في سوق الأسهم حتى لا تصاب بالتخمة أو الإفلاس والانهيار.
- هز فنجالك مع أخطاء الصديق أو قريب وموظف واصفح وتغافل وسامح قدر المستطاع.
- هز فنجالك عن كل من يضعف همتك ويكسر مجاديفك ويحبطك ويتعبك نفسياً ومالياً.
- هز فنجالك عند كل نقاش وجدال لا طائلة منه سوى مزيد من الاختلاف والفرقة والبغضاء والعداوة لا سيما في أمور الرياضة والسياسة.
- هز فنجالك في كل عمل سيئ أو مكر أو غش أو خداع.
- هز فنجالك عن كل من يقلل من شأنك ويتعمد إهانتك أو مضايقتك أو يتغلى بالود عليك، ولنتأكد جميعاً أنه ليس المهم عدد الفناجيل وكثرتها في حياتنا بل لا بد أن نبحث عن الفنجال الصافي الصادق الداعم الناصح حتى وإن لم يتعد عددها أصابع اليد الواحدة، فكما نحرص ونجتهد بأن يحتوي فنجان القهوة بأطيب أنواع القهوة والزعفران والهيل والمسمار ليكون موزوناً ويعدل الرأس وفنجال واحد منه يكفي، كذلك يكون حولنا وبرفقتنا وبأفعالنا «فنجال موزون» مملوء بالود والحب وبأطيب الأفعال والأقوال، وأن نطور ونحسن خلطته أولاً بأول ونبعد ما يعكر صفوها ويغير طعمها ويمرر مذاقها، وليكن فنجالنا له طعمه الخاص المميز واللذيذ والمحبب والمرغوب فيه ولا يتغير طعمه ولا يتجنبه كل شارب منه، ولا «يهز فنجالك» لأنه بعيد عن الغش والتدليس وبه أنفس الأشياء الثابتة من أي تبدل وتغير، وهز فنجالك عن الردى والخطى والتجني وخلك معتدل في كل شيء فالزيادة كما النقصان، جعل الله فناجيلنا مع من حولنا أطيب طعماً وأحسن مذاقاً.