واس - القطيف:
تتميز جزيرة تاروت الواقعة في محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية بتاريخ عريق قدّره بعض المؤرخين بأكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد، مما يجعلها من أقدم بقاع شبه الجزيرة العربية، وهي رابع أكبر جزيرة في الخليج العربي بعد قشم وبوبيان ومملكة البحرين.
ومن أبرز معالم الجزيرة قلعة تاروت التي لم يعرف لها الوهن طريقاً، إذ ظلت صامدة بشموخها وعنفوانها في وجه العوامل المناخية والبشرية التي تعاقبت عليها منذ بنائها، وتوجد وسط غابة من النخيل على قمة تلّ يتوسط جزيرة تاروت جنوب غرب البلدة القديمة في شرق محافظة القطيف، يعد الأعلى من بين المرتفعات في المحافظة.
وتتكون القلعة من أربعة أبراج، بقي منها ثلاثة وانهار واحد أثناء إحدى المعارك التاريخية، وتتميز بشكلها البيضاوي بحيث تحاكي التضاريس الطبيعية التي بُنيت عليها.
ويرجع تاريخ تلّ تاروت الذي بُنيت عليه القلعة إلى قبل خمسة آلاف عام، ويؤرخ الموقع إلى عصر فجر السلالات الثاني أو الثالث إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، أما تاريخ الجزيرة فيقول المؤرخون: إنها أحد أهم مراكز مملكة دلمون، وكان لها دور كبير في تاريخ المنطقة خلال أكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد، واستمر فيها الاستقرار البشري بكل عنفوان ونشاط، ودللت عليه المعثورات الأثرية فيها خلال هذه القرون حتى يومنا هذا، وهو أمر يندر حدوثه في كثير من المناطق الأثرية في العالم.
وكان لها الدور الأكبر في الحياة التجارية في الخليج، وتعتمد عليها بلاد الرافدين وبقية المنطقة الساحلية في شرقي شبه الجزيرة العربية، ولها علاقات وطيدة مع الكثير من المناطق المتحضرة في المنطقة.
وفي الركن الجنوبي لجزيرة تاروت نشاهد صفحة أخرى من التاريخ وهي بلدة دارين، التي كانت جزيرةً صغيرةً منفصلة عن الجزيرة الأم «تاروت» ومحاطة بمياهٍ ضحلةٍ، حتى أُعيد ردم القناة المائية الفاصلة بينها عام 1399هـ / 1979م. واشتهرت دارين في السابق بمرفأها البحري وسوقها النشطة، حيث كانت مخزناً للبضائع التي كانت تجلبها السفن والمراكب البحرية، وأشهر تلك السلع هي: المسك والعطور والتوابل وأنواعٌ عدة من الأقمشة والمنسوجات والسيوف، وكانت مركز تجارة اللؤلؤ في القطيف.
وتاريخياً ورد اسم دارين في تقرير جنود الإسكندر المقدوني عن منطقة الخليج المكتوب قبل أكثر من 300 عام قبل الميلاد، كما توارد استعمال هذا الاسم في كتب التاريخ وأشعار العرب قبل الإسلام، أي قبل أكثر من 1500 عام. أما أبرز آثارها فهو «قلعة عبد الوهاب الفيحانيّ» - زال كثير منها - التي تقع على تلّ ركاميّ موجود في منتصف الساحل الجنوبيّ المقوّس لبلدة دارين، ويعدّ هذا التل أعلى نقطة على الشريط الساحليّ للمدينة.