د. محمد بن إبراهيم الملحم
كل عام أنتم بخير، وأسأل الله أن يكون هذا العيد خيراً على الجميع، وعيداً مميزاً يرفل الجميع فيه بالفرح، لاسيما وقد اتسمت هذه السنة -ولله الحمد- بتحقيق إنجازات رائعة في مكافحة مرض كوفيد لما تقوم به حكومتنا من عناية ورعاية واهتمام بصحة مواطنيها والمقيمين فيها، وهذا من النعم الكبرى التي لا يدركها إلا من ينظر حوله فيرى خلافها، العام الماضي كان عيدنا في بيوتنا ونزور بعضنا من خلال شاشات التواصل الاجتماعي، واليوم نصلي ونخرج ونتنزه ونزور بعضنا بعضاً ولله الحمد. لقد فقدنا وودعنا كثيرين من أقربائنا وأصدقائنا ومعارفنا وحتى ممن لا نعرفهم، ولكن نسمع عنهم ولكن علمنا بفقدهم بسبب هذا المرض، لقد قدم لنا درساً مهماً لفهم الحياة وفهم الموت، كما قدم لنا درساً في أهمية العناية الصحية والحرص على النظافة التي هي من صميم ما يحثنا ديننا عليه في الأصل. لنعايد بعضنا بعضاً ونحن نحسب كل حساب لمقتضيات التباعد والمحافظة على أسس الوقاية، إن لم يكن ذلك لأنفسنا فيجب أن نتدبره لغيرنا، فليس كل واحد منا يحمل نفس المقاومة وقوة المناعة، وعندما نعلم حقيقة أن أحدنا قد يحمل الفيروس ولا تظهر عليه أي من أعراض المرض فجميل أن يفترض أن الذي أمامه الآن سواء أخاً أو جاراً أو زميلاً أو غير ذلك هو شخص ذو مناعة ضعيفة فيحاسب على صحته أشد المحاسبة حتى لا يكون هو سبباً فيما لا تحمد عقباه من حيث لا يدري، لتكن أعيادنا جميلة وحياتنا فرحاً وسروراً على الدوام، ولنحتفل بما وصلنا إليه اليوم بمقارنته بما كنا عليه بالأمس في نفس الوقت من عامنا المنصرم، ونشكر الله ثم ندعو لحكومتنا الموفقة في حصر المرض ومكافحته وإبعاد شروره عنا، ثم لندعو للجنود المجهولين والمعروفين الذين ضاعفوا جهدهم لتتحقق نتائج جميلة كهذه، فما أجمل أن يشكر الإنسان غيره في غيابه، فلهذا الأمر انعكاس جميل على نفسه وروحه هو، بل هي السعادة ذاتها.
ليفرح الطلاب المتفوقون هذه السنة ويحتفلوا بما حققوه من إنجاز وهم صامدون أمام المنصة ويتعاملوا معها بكل مصداقية كأنما هم في غرفة الصف تماماً، فهم منتبهون للشرح، مؤدون للواجبات، مستعدون للأسئلة والاختبارات الصغيرة اليومية بكل جدية، طامحون في التعلم الحقيقي ولا يريدون تفويت فرصة العلم والمعرفة واكتساب المهارات التي سيحتاجون إليها مستقبلاً، لم يذهبوا مذاهب مريبة كما يفعل غيرهم في استغلال فجوات المنصة، بل رضوا أن يسيروا بنفس نهجهم الذي كانوا يسيرون عليه في غرفة الصف، بل هم أيضاً في الدراسة العادية وقبل المنصة لم يكونوا في غرفة الصف يفعلون ما يفعله غيرهم من لف ودوران على معلميهم بل منطقهم الدائم هو التعلم والاستفادة، وظلت هذه الروح متواجدة حتى في نموذج المنصة، فالعبرة لديهم هي التعلم, إلى هؤلاء أقول لكم تحية مزدوجة ويرفع لكم العقال ولكم أسنى الشكر وأجمله، وأنتم من تستحقون أن تحتفلوا بهذا العيد بعد أن أمضيتم سنة دراسية حافلة بـ»الجدية» والانضباط الذاتي، ولوالديكم معكم أجل الشكر وأجزله على تشجيعهم لكم وبثهم فيكم هذه الروح والقيم التي تجعلكم مثالاً وقدوة وإضافة حقيقية. أخيراً كل الشكر لكل معلم أخلص في تدريسه لطلابه وتحمل لأواء التدريس عن بعد وصبر على كل أنواع السلوك، وقام بواجبه كما ينبغي فلهؤلاء تحية وهم أيضاً يستحقون الاحتفال بالعيد والشعور بأفراحه بعد سنة كاملة من العطاء والتميز وهؤلاء هم مشاعلنا التي نتمنى ألا تخبو جذوتها أبداً، وأن يستمروا ليقتدي بهم غيرهم من بقية المعلمين، آملين أن تنتشر بهم عدوى الجدية والجودة الجميلة، ومرة أخرى إلى الجميع: عيدكم مبارك.