فضل بن سعد البوعينين
خمس سنوات من الإصلاحات الهيكلية شكلت قاعدة انطلاقة الرؤية من مرحلة تأسيس أركانها ومعالجة التحديات ووضع الإستراتيجيات إلى مرحلة التنفيذ التي ستسهم في رسم مخرجاتها التنموية الشاملة. شكلت التحديات الهيكلية المعضلة الأولى أمام تحقيق الأهداف المرسومة، وفي مقدمها العلاقة بين الوزارات الخدمية والهيئات عمومًا، حيث عملت بطريقة انعزالية وبعيدة عن التكامل أو فلسفة فرق العمل المعنية بتنفيذ الخطط والبرامج بطريقة تكاملية. كما أن بعض القطاعات الواعدة والمستهدفة برفع مساهمتها في الاقتصاد كانت في أمس الحاجة إلى المرجعية الحكومية المستقلة التي تعنى بها وتسهم في وضع إستراتيجياتها ومعالجة تحدياتها للوصول بها إلى الأهداف المرسومة في الرؤية. إضافة إلى ذلك فمخاطر المالية العامة ومنها الاعتماد على الإيرادات النفطية، والهدر المالي، وضعف مخرجات التنمية مقارنة بحجم الإنفاق شكل تحدياً يستوجب العلاج العاجل. ضعف البنية الرقمية شكل أيضاً تحدياً حكومياً تطلب عملاً مكثفاً لتطويره من الجانبين التشريعي والتقني، وهذا ما تم خلال السنوات الماضية.
أجزم أن الإصلاحات الحكومية عموماً، وإعادة الهيكلة، والتحول الرقمي من أهم إنجازات الرؤية في سنواتها الخمس الأولى، ولولا توفيق الله، ثم تلك الإصلاحات الهيكلية لما تمكنت الرؤية من المضي قدماً نحو أهم مراحلها التنفيذية، وتحقيق أهدافها الإستراتيجية وإحداث النقلة النوعية التي نراها اليوم. إضافة إلى ذلك فإن تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، أسهم في تحقيق أهداف مختلفة ومن أهمها ترسيخ ثقافة المحاسبة في الأجهزة الحكومية ما ساعد على تحقيق جودة العمل الحكومي وكفاءته، واسترداد 247 مليار لخزينة الدولة ريال في الأعوام الثلاثة الماضية، وهذا يمثل 20 % من إجمالي الإيرادات غير النفطية، إضافة إلى أصول غير نقدية بعشرات المليارات نُقلت إلى وزارة المالية.
مرحلة التأسيس، تضمنت إنجازات مهمة ومبادرات نوعية وتحققت فيها أهداف يفترض أن تكون ضمن مستهدفات المرحلة الثانية.
تحسين بيئة الاستثمار واستكمال تشريعاتها من الإنجازات المتحققة إضافة إلى إنجازات برنامج صندوق الاستثمارات العامة، حيث تضاعفت أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020م بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في 2015م، ونمو تدفقات الاستثمار الأجنبي بنسبة ارتفاع وصلت إلى 331 %. عمل صندوق الاستثمارات كقاطرة تنموية محلية وجسراً لتدفق الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى استثماراته الخارجية. إطلاق مشروعات كبرى من الإنجازات المتحققة الداعمة للاستثمارات العالمية، ومن أهمها: نيوم، والقدّية، ومشاريع البحر الأحمر، وغيرها. أجزم أن إطلاق المشروعات العملاقة سيسهم في تحقيق أهداف متنوعة، وسيضمن تحقيق نمواً مستداماً ومزيد من الوظائف والفرص الاستثمارية إضافة إلى رفع جودة الحياة.
وبالرغم من جائحة كورونا التي تسببت بتداعيات اقتصادية حادة على المستوى العالمي إلا أن المملكة مضت قدماً في تنفيذ رؤيتها الإستراتيجية وإطلاق مشروعاتها العملاقة وبرامجها التنفيذية، وهذا ما عزز الثقة بالرؤية وبمخرجاتها المستقبلية، والإصرار على تنفيذها برغم متغيرات الضروف.
نجحت الرؤية في خلق قطاعات اقتصادية جديدة وفي مقدمها القطاع السياحي، الطاقة المتجددة، التعدين، الصناعات العسكرية، والبدء في إنشاء مدن ذكية وسياحية ما يعني تحقيق هدفها الرئيس وهو التنوع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل والاستدامة ورفع جودة الحياة.
خمسة أعوام مبشرة بالخير غرست فيها بذور التنمية الاقتصادية والتحول المستقبلي وفق رؤية مباركة أطلقها سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، ويقودها بكفاءة عالية وإصرار لتحقيق مستهدفاتها، وبما يعزز من اقتصاد المملكة ومكانتها العالمية ويحقق الرفاهية للمواطنين والازدهار للاقتصاد والحماية التامة للبيئة والاستثمار الأمثل للمقومات المتاحة ورفع جودة الحياة في جميع مناطق المملكة وفق برامج ومشروعات بيئية واقتصادية عالمية.
أختم بالتركيز على أهمية التعامل مع تحدي ارتفاع تكلفة المعيشة والانعكاسات المجتمعية لبرامج الرؤية ومشروعاتها. فجودة الحياة لا ترتبط بالجانب المكاني فحسب بل والجانب النفسي المرتبط بالأمن المعيشي والدخل الأسري، وأحسب أن القيادة حريصة كل الحرص على معالجة ذلك التحدي.