فدوى بنت سعد البواردي
على الصعيد الدولي، وحسب العديد من الدراسات، يوجد العديد من التحديات المشتركة والتي تواجه العاملين في عالم التقنية، في العالم أجمع، وأكثرها شيوعًا تحديدًا هي الثلاثة عشر (13) تحدياً التالية: حجم العمل، والنمو الوظيفي، والتحول الرقمي، والأمن السيبراني، وإدارة البيانات، والأتمتة، والحوسبة السحابية، والعمل عن بعد، والدعم من القادة، والعجز في توفر المهارات المطلوبة، والتوظيف، وإدارة المشاريع، والميزانيات. ويوجد العديد من الحلول لتلك التحديات. وفي هذا المقال، سوف نتحدث عن بعض تلك التحديات، وبالتحديد، الأربعة (4) تحديات الأولى والحلول لها.
ونبدأ بالتحدي الأول، وهو حجم العمل الذي عادة يعاني منه العاملون في قطاع التقنية، خاصة مع التطور السريع في عالم التكنولوجيا وأهمية مواكبة أحدث وأفضل الممارسات الدولية. ومن هنا، تأتي المتطلبات الإدارية الكثيرة والعالية الجودة في جهة العمل، مقارنة بالوقت المطلوب فيه إنجازها من طرف العاملين. ونتيجة لذلك، قد يصاب الكثير من العاملين إما بإدمان العمل أو بالاحتراق الوظيفي. والحل الأنسب لهذا التحدي هو دراسة العاملين لمهارات «إدارة الوقت» أو ما يُعرف بـ Time Management والتي تساعد في تحقيق أهداف العمل وزيادة الإنتاجية بالشكل الأمثل.
أما التحدي الثاني، فهو النمو الوظيفي، وهو يُعد العنصر الأكثر أهمية لدى معظم العاملين في القطاع التقني، بشكل قد يفوق أحياناً أهمية الراتب المادي لدى البعض. وفي كثير من الأحيان، قد تعاني المؤسسات التقنية من فقدان أفضل موظفيها بسبب عدم وجود خطة واضحة للنمو الوظيفي المستقبلي والذي يسعى إليه الجيدون والمميزون منهم. والحل الأنسب لهذا التحدي هو دعم الإدارات لتنمية مهارات العاملين التقنية وتدريبهم ووجود خطة واضحة لما سيصبحون عليه خلال السنوات القادمة، إما كتقدم أفقي مما يكسبهم عائدًا ماديًا وأسبقية في المسمى الوظيفي، أو كتقدم عمودي مما يكسبهم ترقيات لمناصب إدارية أعلى. وبذلك، يتم الحفاظ على العاملين.
وحين نتحدث عن التحدي الثالث، وهو التحول الرقمي، والذي تم تبنيه كضرورة أساسية من أجل التنمية الاقتصادية المستدامة، فقد نتج عنه وجود احتياجات هائلة في المعرفة والمهارات التقنية في سبيل تحقيق الطموحات والأهداف الإستراتيجية المطلوبة لدى المؤسسات، وقد أدى ذلك إلى جهود لاهثة من أجل التوازن بين تحقيق تلك الأهداف وضمان وجود الخبرات والمهارات الكافية واللازمة لتحقيق التحول الرقمي. والحل المناسب لتحقيق هذا التوازن والتغلب على هذا التحدي هو تطبيق «مؤشر تنمية المهارات» أو ما يُعرف بـ Skills Development Index، وذلك ليتمكن العاملون في المجال التقني من تصنيف ووضع أولويات للمهارات التي يجب أن يكتسبوها، كمسارات في التحول الرقمي، من أجل إنجاح المبادرات وتحقيق الإنجازات والأهداف الإستراتيجية المطلوبة، ويتضمن الحل وضع خطط مُحكمة مع التواريخ المتوقعة لحصول العاملين التقنيين على التدريب اللازم والشهادات المعتمدة في جميع المسارات ذات الصلة.
ومن جهة أخرى، يأتي تحدي الأمن السيبراني كتحدٍ رابع، حيث يوجد طريقان متقاطعان يشكلان عقبتين في هذا المجال التقني. العقبة الأولى هي زيادة عدد الهجمات الإلكترونية وتعقيدها، والعقبة الثانية هي وجود الملايين من الوظائف غير الشاغرة حول العالم في مجال الأمن السيبراني. ومن أكبر الأخطاء التي من الممكن أن تقع فيها أي مؤسسة هو عدم الاستثمار في الأمن السيبراني والتهاون بها، وذلك لأن مخاطر الهجمات والتهكير ليست فقط في تسرب أو فقدان البيانات الحساسة للمؤسسة ومنتسبيها والمتعاملين معها، ولكن أيضًا في فقدان الثقة بالمؤسسة خاصة في أسواق الاستثمار والصفقات وشراكات العمل، مما يعرض المؤسسة لخسارات مادية ومعنوية جسيمة. والحل لهذا التحدي يكمن في ضرورة وضع الأمن السيبراني من ضمن أولويات مواضيع النقاش في اجتماعات مجالس الإدارة، ومتابعة تقدمها، وتدريب وتوظيف الكفاءات في هذا المجال التقني المهم.
ومن الجدير بالذكر، أن العالم التقني يشبه المحيط، فهو كبير في المساحة وهائل في العمق، وفيه العديد من المسارات والتي لها تأثير مباشر على سير عمل ونجاح الإستراتيجيات في العالم أجمع. التقنية هي أداة تمكين مهمة. وإذا ما تم التغلب على تحدياتها، تم ضمان نجاح الوصول إلى الأهداف المنشودة للإستراتيجيات في العالم أجمع.
** **
- كاتبة تقنية وتخطيط إستراتيجي