إنتهى شهر رمضان شهر الخير والبركة والرحمات، أحد أركان الإسلام الخمسة، خصّه الله بالصيام والأجور العظيمة المضاعفة وفي كل ليلة من لياليه يعتق الله رقاباً من الناس من النار، هذا الشهر الفضيل ينزل ضيفاً كريماً خفيف الظل عظيم الأجر ترتاح له الأنفس وتزهو بها في كل الأوقات ليلاً ونهارًا، إنها من فضائل الله ذي الجلال والإكرام على عباده التي تستحق الحمد والشكر على الدوام. فبالأمس نهنئ بعضنا بعضًا ببلوغه بعد طول انتظار حباً وتشوقاً إليه للصيام والقيام والتزوّد بالطاعات وقراءة القرآن، والآن ها نحن نودعه سريعاً جداً جدًا، فسبحان الله تتعجّب كيف بهذه السرعة تتسابق أيامه ولياليه، وهنا نقف مع أنفسنا ونسألها ماذا أودعنا من الأعمال؟ كيف نحن والصلاة المفروضة أولاً وصلاة القيام؟ كيف نحن وقراءة القرآن الكريم؟ كيف حالنا مع الخشوع وتدبّر الآيات؟ كيف نحن والتواصل مع ذي القربى والصدقة؟ كيف نحن وصيام الجوارح والسمع والبصر؟ أسئلة كثيرة.. نحتاج إلى عمل يرضي الله، فرمضان موسم للتجارة الرابحة مع الخالق الكريم ذي الفضل العظيم بأداء الصلوات في أوقاتها والتزوّد بالنوافل وذكر الله والتسبيح والتهليل والاستغفار، وسؤال الله الجنّة وما قرّب إليها من قول وعمل والاستعاذة من النار وما قرّب إليها من قول أو عمل، ومضاعفة الأعمال الفاضلة تأسياً بنبيّنا محمد صلى الله عليه وسلّم. ومع وداع شهر رمضان البعض يحزن على فراقه والأولى أن يحمد الله ويشكره ويكبّره ويعبّر عن فرحه وسعادته أن أعانه الله على الصيام والقيام، فرمضان شهر العبادة يتقرب العبد فيه إلى خالقه بمزيد من الطاعات، ومع انتهاء شهر رمضان الكريم لا تنقص أو تتوقف العبادات، فالصوم لا ينتهي والقرآن لا يُهجر والمسجد لا يُترك، فكل هذه فضائل من الله على عباده يجب شكرها والمحافظة عليها. اللهم لا تجعل رمضان وقد مضى إلاَّ وقد أعطيت كلَّاً منا سؤله، وأعده علينا سنين عديدة وأعواماً مديدة ونحن بأحسن صحة وأفضل حال واجعلنا ممن شملتهم الرحمة وعمَّتهم المغفرة وحازوا على العتق من النار يا أكرم الأكرمين.