د.شامان حامد
ها نحن قد ودعنا شهر رمضان، ولياليه العامرة، والله أعلم من فاز بها وكان مقبولاً فنهنِّيه، ومن منا المطرود فنعزيه؟! ليُتابع سلسلته فرحة عيد ليست كما يظن الكثيرون أوقاتاً ضائعة في اللهو واللعب والغفلة، بل شُرع لقوله سبحانه: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 185).
والعيد خاصية تتميز بها الأمم عن غيرها، ولا توجد أمة بلا عيد، كما لا يكون عيد بلا أمة، لكن أعيادنا كمسلمين دينية، جزء مهم من نسيجنا الثقافي، لا تنفصل عن دنيانا، وقد جعل الله لنا عيداً أسبوعياً هو يوم الجمعة وعيدين سنويين يأتيان بعد عبادتين، وللأسف قد تعدت مسميات الحداثة للأعياد عند الأمم المتأخرة، حتى صار للطماطم والعنب عيدًا في بعض البلدان والحضارات.
وقد قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: «إن كثيرًا من الناس تضيع أوقاتهم في العيد بالسهرات والرقصات الشعبية، واللهو واللعب، وربما تركوا أداء الصلوات في أوقاتها أو مع الجماعة، فكأنهم يريدون بذلك أن يمحوا أثر رمضان من نفوسهم إن كان له فيها أثر، ويجددوا عهدهم مع الشيطان الذي قلَّ تعاملهم معه في شهر رمضان».
العيد وسيلة لتواصل الأقارب والأصدقاء ومناسبة وجيهة لتصافي النفوس وإزالة ما علق بها من غبار الدنيا، لكن في زمان الوباء هو فرصة عظيمة ليتوافق مكنون القلب مع ما يظهر على المحيا من صفاء، وفرصة ثمينة ليسعد الجميع والأطفال بالحفاظ عليهم لرؤيتهم أمد الحياة بلا أكدار، واتخاذ ما تكفل به الإسلام وسارت على نهجه حكومتنا الرشيدة من إجراءات احترازية، تجعل لحياتنا السلامة والأمان، فلا مناص من حسن استقباله بكل خير وما هو مباح، وبما يجمع ولا يفرق، فالمأمول من المخطِّطين لاحتفالات العيد ومنفذيها أن يتعلموا من دروس الماضي مع انضباط تام وتحوُّط كبير.
فيا من يفرح في العيد بتحسين لباسه، متهيئاً للخروج واللقاءات، متناسياً أن الوباء بين الطرقات بل بالأجواء والملامسات قد بات مترصداً، ليُغير عليك وإخوانك وأقرانك وجلاّسك ممن قد لا ترونهم إذا أصبتهم بلعنات كورونا وتحوراته - لا قدر الله-. لتبكي مرير الدمع على الفراق!
إن العيد هو موسم الفرح والسرور، وأفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا إنما هو بخالقهم ومولاهم إذا فازوا بإكمال طاعته، وحازوا ثواب أعمالهم بفضله ومغفرته، كما قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس: 58).