خالد بن عبدالكريم الجاسر
مع إشراقة أول يوم من شوال، وتتويج شهر الصيام بيوم الزينة، بهجة وفرحة؛ نستشعرها مُكبرين تعظيمًا لله، وبرهانا على ما في قلوبنا من محبته وشكره، وإحياء لسُنن عيده، دون أن ينظر أحد إلى أن بها قيوداً فُرِضَت عليهم، أو تحميلهم ما لا طاقة لهم به، وقد أُرْهِقُوا بحملها؛ في ظل إجراءات استثنائية عمت الخلق، وأضعفت همم دول عُظمى، وغيرت من شكل الحياة والاحتفالات في البلدان العربية والعالم، وحرمتهم من أهم طقوس حياتهم في زمن وبائي قاسٍ، استبقتها مملكتنا بشموع تُضئ طُرق الحياة لمن نُحب، وتهدي المجتمع لحياة أفضل، ذات قيم إنسانيّة، واجتماعية عظيمة ومهمّة.
وما أروع أن ينتهز المُسلم فرصة العيد فيُرَوِّح عن نفسه وأهله بشيء من اللهو المباح؛ وهو من السُّنَّة النبوية؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنى، تُغَنِّيَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُسَجّى بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَكَشَفَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْهُ، وَقَالَ: «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْر فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ»، لكن علينا في تلك الأيام المحافظة على حياتنا بما مَنّ الله به علينا من آداب وأخلاق، بمخافة الله على من نُحب ونتمنى رؤيتهم حولنا، ونُلقى إليهم أطيب القول إذا تواصلنا بهم يوم العيد لقول: «تقبل الله منا ومنك».
ولعل التساهل في تطبيق الاحترازات الصحية وتهاون الكثيرين منا، وعدم تعاونهم بشكل جدي، والابتعاد عن مناشط التجمعات واللقاءات يجعلنا - لا قدر الله – في وضع كارثي كما حدث ببلاد الهند، ونحنُ -بحمد الله- في وطن وعى القادم بأسوأ ما فيه، فتحضر له باستعدادات علينا جميعاً أن نتبعها، ولا نأمل أن يكون عيدنا كما كان في السنة الماضية «وقت الحجر»، ليلحقهُ عامنا هذا بحرية علينا أن نلزمها وتبقى رقابتنا الذاتية على أنفسنا ومن نحب، وألا يتساهل حتى من أخذ اللقاح، فذلك واجب شرعي ومطلب وطني، لأن جمال هذا الدين يتلخص في وعد الله تعالى المؤمنين بالحياة الطيبة {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}.. فالوعي المُجتمعي مطلوب بالامتثال للأوامر والإرشادات وقبول التحذيرات من الزيارات والتجمعات لسلامتنا، وعلى الجميع أن يكونوا مسؤولين بتطويع الظروف لنشر فعاليات الفرح من أجل الأطفال والتواصل مع الأقارب والأصدقاء بالرسائل والمعايدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
نسأل الله جل وعلا أن نعود كما كنا عليه بأيامنا وحياتنا التي عهدناها، وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده قيادة وحكومة على الجهود الضخمة المبذولة ومن خطوط دفاعنا وزارة الصحة ومن يسهرون على حمايتنا والمرابطين بحدودنا، وكل من حافظ على حياتنا، وأن يعيده عليكم وأنتم بخير وبصحة وعافية وأمن وإيمان ونصر وعزة وسلامة من الوباء وعافية.