رمضان جريدي العنزي
واتساب برنامج استطاع أن يحقق أرقاماً قياسية في عدد مستخدميه، ومنذ عام 2009 أصبح هذا البرنامج من أكثر التطبيقات استعمالاً، رسائل نصية وصوتية ومقاطع تصويرية، بل وأصبح شريكاً لكل فرد، بل هناك من استسلم له طوال وقته، وأصبح مدمناً عليه، ومتيماً به، مهدراً وقته ومضيعاً له وساكناً بين كماشته لا يستطيع الانفكاك منها، لقد أصبح الكثير من الناس يستخدمونه في كل مكان حتى أثناء قيادة السيارة، وفي دورات المياه، في الأسواق والممرات والمقاهي وفي الاستراحات ومجالس الفرح وأروقة العزاء وحتى تحت سقوف المساجد، بل أصبح لدى البعض عموداً مهماً لرفع سقف العلاقات العامة والاندماج في المجتمع، لقد أصبح مرضاً من أمراض العصر، لقد التهم هذا البرنامج وغيره من برامج التواصل الاجتماعي التهم أوقات الناس التهاماً لا مثيل له، وسلب عقولهم عقولهم سلباً، وأناخ في أرواحهم كما تنيخ الرواحل، لقد أدمنوا على هذه البرامج وتأثروا بها، لقد نشر فيه البعض خصوصيته وغسيله، والبعض الآخر تنمَّر فيه، لقد حدَّ من الإبداع، وعطَّل التحصيل، وأمات التفكير، وأصاب البعض بحالات نفسيه، كالاضطراب والتوحّد، والتوتر والخوف والقلق، لا شك بأن هذا البرنامج وغيره من برامج التواصل الاجتماعي فيها من الإيجابيات والفائدة الكثير إذا أحسن استخدامها، لقد سرعت الكثير من المعاملات والأنشطة، بل حولت الكثير من الأفكار والأقوال والتوجهات إلى مشروعات جاهزة للعمل والتنفيذ، لكن البعض أفراداً ومجموعات حولوه إلى مجرد إهدار للوقت، ومجاملات زائفة، وتطبيل مخيف، وإشادات في غير محلها، وتفاهات ولغو وهمز ولمز وإشاعات كاذبة، وتأويلات وتهويلات، وبثاً للعنف والكراهية والعنصرية والعنتريات، ونشراً للمعلومات المغلوطة، لقد حولوا البياض إلى سواد، والسواد إلى بياض، والحقيقة إلى كذب، والكذب إلى حقيقة، لقد ساهم هذا التطبيق وغيره من التطبيقات التي لم يحسن الناس استخدامها بظهور سلوكيات ومصطلحات وثقافات تبدو غريبة على مجتمعنا لم تكن موجودة عنده من قبل، لقد غيّرت هذه البرامج الكثير من السلوكيات والأخلاق والعلاقات، فأصبحت البيوت الحيَّة بأحاديث أهلها صامتة كأنها ميتة، واستبدلت مجامع الناس للحديث والمؤانسة بصمت وتفرّد، حيث يأتي كل واحد بجهازه، جسده معهم وعقله مع جهازه، أن من الصعب علينا أن نحارب هذه البرامج ونرفضها، وقد عمّت وانتشرت وكل يوم لها جديد، لكن من الواجب علينا التنبيإلى خطر هذه الأجهزة، وأن نذكر بالموعظة الحسنة بالتوجيه إلى الاستخدام الحسن لها، بعيداً عن الاستخدامات التافهة، وهدر الوقت وإضاعته.