سمر المقرن
من أجمل الدول التي عشت فيها تجربة صيام شهر رمضان هي مصر، وهذه الأيام تعود الذكريات للعادات الجميلة التي استمتع باقتباسها من الشعوب الأخرى خصوصاً المرتبطة بمناسبات دينية وروحانية. يحضرني اليوم (الياميش) هذه الكلمة المتداولة باللهجة المصرية ويتكون من: المكسرات بأنواعها الفستق والبندق واللوز والكاجو والجوز، وكذلك الفواكه المجففة بأنواعها من الزبيب، والمشمش، والتين. يقدم على هيئة طبق حلوى أو كوب عصير يتلذذ به الصائم على مائدة رمضان، لكن الأجمل هو البحث عن أصول مثل هذه التسميات فما هو أصل وتاريخ الياميش؟
بعض المؤرخين ذكروا أن تناول الياميش يعود لعصر قدماء المصريين الفراعنة، عندما صنعوا من الياميش الفواكه والمكسرات المجففة ومزجوا بين اللوز والجوز والزبيب على شكل أسد صغير يقف على قدميه الخلفيتين ويرفع يديه من الأمام، ويخرج لسانه بصورة مضحكة، وكانوا يطلقون عليه اسم الإله (بس) وهو آلهة الضحك والسخرية، لإسعاد الأطفال وتسليتهم، وتلاشت هذه العادة حتى عاد استخدام الياميش مرة أخرى في عهد الدولة الفاطمية بمصر.
وحسب كتاب شهر رمضان في الجاهلية والإسلام للكاتب المصري أحمد المنزلاوي، فإن كلمة ياميش خلت منها القواميس العربية، واستخدمت للدلالة على الفواكه المجففة بأنواعها.
ووضع المؤرخون روايتين حول تسمية الياميش، الأولى تقول إنها كلمة من أصل تركي أطلقت أثناء حكم العثمانيين لمصر، وتعني الفواكه المجففة، والرواية الثانية ذكرت أنها كلمة مصرية تعود للعصر الفاطمي. وكانت الكلمة (يامش) وتحولت إلى (ياميش)، ويقال أيضاً إن الحكماء الفاطميين كانوا يوزعون الياميش على الفقراء طوال شهر رمضان.
بدأ بيع الياميش بمصر بمنطقة قوصون، التي أسسها الأمير سيف الدين قوصون، في شارع باب النصر بالقاهرة، وكانت مقصد التجار القادمين من سوريا، ثم انتقل بيعه إلى منطقة الجمالية ثم سوق الغلال. إلى أن أصبح الياميش بعدها شيئاً رئيسياً طول شهر رمضان في كل الدول العربية التي أطلقت عليها أسماء مختلفة مثل جرمشيات رمضان في تونس، والزبيبة الطرشانة في العراق.
ولا يخفى على الجميع الفوائد الجمة للياميش بما يحتويه من فيتامينات ومعادن وبروتينات يحتاجها الجسم وخاصة للصائمين.
جميل جداً التوقف عند بعض العادات الموروثة والعودة إلى أصولها حتى لا تمر عابرة أمام هذا الجيل دون التمعن في جذور العادات وتنميتها وتطويرها لتبقى أثراً جميلاً لا يندثر.