علي الخزيم
باقات من أجمل وأزكى الورود - حتى وان كانت معنوية عن بعد - لأبطالنا المرابطين بحدود الوطن وثغوره؛ يحموننا ونحن نستمتع بروائح العطور والملابس الزاهية والمآدب العامرة بالأطايب من نعم الله، فمن أعلى مراتب الوفاء أن نذكرهم بدعوة ونُقدِّر جهودهم وتضحياتهم بتلك البيئة المختلفة تماماً عمَّا ننعم به على الآرائك، أمامنا الفواكه والعصائر والحلويات، وتَضُوع حولنا أصناف العطور والبخور، انها صورٌ من النعيم الذي يستحق الشكر للواهب سبحانه، وتستدعي استذكار إخواننا المرابطين الذين يستقبلون بصدورهم الشامخة القذائف وطلقات النار من عدو متربص يتعمد الإيذاء بلا رحمة، الهَجُوا بدعاء صادق لمن اغْبَرَّت أقدامهم وأجسادهم وجَفَّ ريقهم؛ يحملون أسلحة الشرف يُقدِّمون ارواحهم لسلامتنا، ودروعاً تفدي الدين والوطن قيادةً وارضاً وشعباً، كل باقات الزهور لكم وكل الدعوات والابتهالات نرفعها للمولى بأن ينعم عليكم بالنصر والسلامة.
وفي صباح العيد باقات ورود مميزة لرجال الأمن الساهرين على راحتنا، ولأبطال الصحة الذين ضَحّوا من أجلنا، ولكل صاحب مَتجر لم يُبالغ بالأسعار قبل وخلال رمضان ليستغل إقبال الناس على التزود بالمواد الغذائية الرمضانية، ولكل ربَّة بيت أجهدت نفسها مع الصيام بمطبخها لتُسعِد اسرتها بإفطار شهي، ولكل معلم ومعلمة اجتهدوا مع طلابهم وهم صيام اخلاصاً بالعمل لخدمة الأجيال وتربيتهم، ولكل من تفانى وأخلص بعمله وصَدَق النيَّة مع ربه وأحسن التعامل مع الآخرين بأمانة ومواطنة صادقة، ولكل ابن وابنة التفتوا لشؤون والديهم وأجدادهم براً بهم وتقديراً وتثميناً لتضحياتهم ولِمَا قدموه لهم بصغرهم، ولكل من التفت للأيتام والأرامل والمساكين وذوي الاحتياجات الخاصة وقدم ما أمكن بهذا المجال بكرم ونفس طيبة.
مجتمع كمجتمع مملكة الإنسانية والعز والعزم تُعرَف - ولله الحمد - أخلاقه من مراسم أعياده! حيث السجايا الحميدة الفِطرية، والعادات الأسرية الحميمية الراقية، وتصافي القلوب والأنفس بسمو أخلاقي بديع، وتتمدد به أواصر الاخاء والترابط إلى مساحات أوسع واشمل، بقلوب خافقة بالنقاء والصفاء، الأعياد كالأعراس تكتمل بها الفرحة وتأتلق الضمائر والجوانح جذلاً طروباً بحسن الاجتماع والصحبة، وتلاقي المشاعر المتطلعة لمزيد من التصافي وطمس ومحو (كل ما يمكن مَحْوُه) من رواسب تخطَّاها الزمن لئلا تُعكِّر تقارب النفوس، فمن مضامين العيد المبادرة بالتسامح، وزرع الابتسامة الصادقة الودودة لتثمر أينع ثمار الوفاء والتماسك الأسري، لا يمكن ان يُحوِّلنا العيد إلى مجتمع ملائكي طاهر؛ غير أن المأمول ان نسعى لتطبيق ما ننادي به بمراسلاتنا اليومية وقُبَيل العيد عبر التطبيقات الالكترونية التي تُظهرنا مثاليين نتحلى بكامل الفضيلة والصلاح، فالاختيار والنسخ والإرسال سهل، الَّا أن فقه المعاني وتطبيقها قولاً وعملاً يبدو أكثر مشقة وأعسر على الامتثال، لا يمكن أن تشعر بأن محيطك نقياً وانت تسمع وترى (بعض) الألسن تقطر شهداً بينما للعيون نظرات الثعالب، وللقلوب نفثات الضغائن، ومشاعر لم تُدرِك مدلولات الصيام ودعوات صلاة التراويح وتَحرِّي ليلة القدر!.
ولكل العرب والمسلمين أينما كانوا أجمل عبارات التهاني بعيد سعيد وفيض من البهجة والحبور، عيدكم - بإذن الله - مبارك.