عين تمر - (أ ف ب):
حملت زيارة البابا فرنسيس التاريخية للعراق الأمل في أن تفتح الباب أمام توافد أفواج من السياح لزيارة معالمه الأثرية وبينها الأقيصر، وهي من أقدم كنائس العالم، إلا أن التغيّر البيئي والإهمال في بلد لا يكاد يخرج من أزمة حتى يدخل في غيرها، يجعلان هذه الكنوز عرضةً للضياع. فكنيسة الأقيصر التي تعود إلى أكثر من 1500 سنة وتقع في صحراء قضاء عين تمر في كربلاء، إلى الجنوب من بغداد، شبه منهارة اليوم، إذ لم تبقَ منها سوى جدران متهاوية، فيما طمرت أرضها رمال الصحراء. وأوضح قائمّقام عين تمر رائد فضال لوكالة فرانس برس أن «الصيانة تحتاج إلى أموال طائلة»، وأضاف «مخصصاتنا قليلة، ولا نستطيع بالتالي إجراء صيانة أو بحث عن المعالم التأريخية». وعلى بعد 60 كيلومتراً شمال هذا الموقع، تقع مراقد شيعية مقدسة في كربلاء تجتذب ملايين الزوار سنوياً من مختلف دول العالم، لكنّ المعالم السياحية الأخرى في المنطقة لا تستقطب هؤلاء. ويناشد السكان والمسئولون المحليون السلطات الإفادة من المواقع الأثرية مثل الكنائس القديمة والزقورة البابلية، مشددين على أن الحفاظ عليها وتوفير الدعاية لها يساهم في جذب أعداد كبيرة من السياح إليها. وقال عبدالله الجليحاوي الذي يسكن في محافظة الديوانية المجاورة «الغرب والأميركيون يهتمون بآثارنا أكثر منا»، وأضاف «لقد عَمِل آباؤنا وأجدادنا مع الأميركيين منذ خمسينات القرن العشرين في (حملات) التنقيب، لكنها انتهت» مع فرض الحصار الدولي على العراق في التسعينيات. ودعا زهير الشعلان وهو محافظ الديوانية التي تضم أكثر من ألفي موقع أثري، إلى «الاستثمار في هذه المواقع» لإيجاد «فرص عمل جديدة في المحافظة المتعطشة إلى نهضة اقتصادية» يتطلع إليها العراقيون منذ قرابة عشرين عاماً عندما وعدت الولايات المتحدة بتحقيق الديمقراطية والازدهار. وتضم هذه المحافظة مدينة «نيبور» التي كانت قبل سبعة آلاف عام تمثل أهم المراكز الدينية للأكديين والبابليين والمشهورة بمعابدها ومكتباتها وقصورها. وكان لدى الشعلان، مثل كثير من العراقيين، بصيص أمل عند وصول فريق إيطالي للتنقيب عن الآثار بداية العام الجاري وبعده زيارة البابا فرنسيس التأريخية للعراق خصوصا لموقع «أور» التأريخي حيث ولد النبي إبراهيم «عليه السلام»، قريباً من الديوانية، لكن للأسف، كلها لم تخدم حتى اليوم في أعادة الحياة إلى تراث العراق الذي تلاشى جزء كبير منه ببب الإهمال والسرقة والظروف البيئية. وتوشك قلعة كركوك التي يعود بناؤها إلى ثلاثة آلاف عام على الانهيار، الأمر الذي يخفض اليوم فرص إدراجها على قائمة اليونيسكو كما هي الحال بالنسبة إلى نيبور، وترى السلطات المحلية أن تلك الأضرار تعود إلى هطول الأمطار بغزارة في هذه المنطقة الجبلية. لكن هذا الأمر يمثل خطراً لغالبية مناطق العراق، كونه يواجه تهديداً كبيراً بسبب التغير المناخي، فالتصحر آخذ في التزايد، وبلغ 50 % من مساحة بلاد وادي الرافدين، الأمر الذي يهدد الحياة عموما وينذر بضياع آثار وحتى منشآت حديثة.