واس - الرياض:
أكد رئيس المحكمة العليا الشيخ الدكتور خالد بن عبدالله اللحيدان، أن المملكة أولت جل اهتمامها بعملية ترائي الأهلة لارتباطها بعبادات المسلمين، فأوكلت هذه المهمة للمحكمة العليا التي تقف على ضمان موثوقية الترائي من خلال معايير عدة منها المعيار الطبي، حيث يخضع المترائي لتجربة طويلة واختبار طبي لفحص حدة النظر ثم تُعرض أوراقه على اللجنة الإشرافية الدائمة لرصد الأهلة بوزارة العدل المعتمدة بأمر سامِ ويتابع أعمالها وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني.
وقال الدكتور اللحيدان إن الاعتماد في ثبوت دخول الشهر الهجري من عدمه يتم على رؤية الهلال بعد غروب الشمس لقوله عليه الصلاة والسلام: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» لأنه الأصل في ذلك اتباعاً للسنة في اعتماد الرؤية، مشددًا على أن العلم الحديث لا يتصادم إطلاقًا مع الشريعة السمحة الصالحة لكل زمان ومكان، ولا تُقبل شهادة غير صحيحة تخالف الحس والواقع.
وفي ذلك قال رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية البروفيسور سعد بن تركي الخثلان: يكون الترائي بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من الشهر الهجري القمري فإذا رؤي الهلال بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين ولو بدقيقة واحدة فيكون الشهر ناقصًا أي 29 يومًا، وتكون تلك الليلة ليلة الشهر التالي، مشيرا إلى أنه يتم ندب قضاة للشخوص مع المترائين في موقع الترائي بالمراصد المنتشرة في مناطق المملكة التي تشرف عليها مدينة الملك عبدالعزيز للتقنية بمشاركة نخبة من المختصين في رصد الأهلة وعدد من الاختصاصيين في علم الفلك ممن يحملون شهادة الدكتوراه في هذا التخصص، ومندوبي الجهات الحكومية مع العناية الفائقة في اختيار مواقع هذه المراصد حيث تخضع لمعايير: جغرافية، وعلمية، وفلكية تُسهِّل عملية الترائي للوقوف على دقة هذه المراصد من رؤية للهلال أو عدمه.
وانطلاقًا من أهمية استخدام الأجهزة التقنية في الترائي على أساس أنها تعمل على إيضاح موجود لا إيجاد مفقود، تضم المراصد الفلكية للمدينة أجهزة مزودة بأحدث التقنيات والتلسكوبات والمناظير والكاميرات الحرارية من نوع CCD لتعمل هي ومرصد جامعة المجمعة على رصد الأهلة، إلى جانب المرصد الحديث في برج ساعة مكة المكرمة الذي ينتظر العمل به، وتُربط هذه المراصد بالبث المرئي المباشر مع المحكمة العليا أثناء انعقاد الجلسة عند بدء عملية الرصد والترائي بينما يقوم الفريق المختص بإعداد التقارير الخاصة بأحوال القمر.
وتتابع المحكمة العليا رصد الأهلة تقنيًا في أيام الترائي منذ وقت مبكر، وكذلك التقارير الفلكية والحسابية الصادرة من الجهات الحكومية عن ولادة القمر ووقت غروب الشمس والقمر ومكثه ودرجته، والأحوال الجوية في كل منطقة من مناطق الرصد لمعرفة مدى إمكانية الرؤية من عدمه، ولا تقبل شهادة الرائي على عواهنها، بل أفاد معالي الشيخ خالد اللحيدان أن اللجنة تناقشه للتحقق من صحة رؤيته قبيل الإعلان عن رؤية الهلال. وفي ظل التطور التقني الهائل في مجال استخدامات أجهزة الرصد الإلكترونية يقوم الفلكيون حاليًا عند رصدهم للأهلة باستخدام الحاسب الآلي لتحديد متغيرات كثيرة منها: مواعيد شروق وغروب الشمس والقمر ومواضع الشروق والغروب، والزاوية بين الشمس، وشدة استضاءته، ومسار الهلال في السماء بدقة عالية، وذلك حسب الإحداثيات السماوية، وفقًا لأستاذ علم الفلك في المركز الوطني للفلك والملاحة التابع لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية البروفيسور زكي بن عبدالرحمن المصطفى.
ويُعد المركز الوطني للفلك والملاحة رائدًا في مجال رصد الأهلة على المستوى العالمي، ونشر العديد من الأوراق العلمية في الدوريات المحكمة، وينشر بيانات الأهلة في كتيب يعد لهذا الخصوص سنويًا، ووفرت المدينة لرصد الأهلة مراصد موزعة في عدد من مناطق المملكة منها الثابتة في مكة المكرمة «مرصد أم القرى» وفي تبوك « الوجه، وحالة عمار» والباقي متحركة في كل من الرياض «سدير، تمير، وشقراء» والقصيم، والدمام، والمدينة المنورة، وحائل.